منها في المقدمة الثالثة (1) وحينئذ فإذا بينوا لنا شيئا من ذلك فالواجب قبوله والعمل عليه.
ومما يؤيد ذلك صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم (2) قالا: " قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي؟ فقال: إن الله عز وجل يقول: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة (3). فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر. قالا: قلنا له: إنما قال الله عز وجل:
فليس عليكم جناح، ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك؟ فقال (عليه السلام): أوليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة: فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما (4). ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لأن الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه (صلى الله عليه وآله)؟ وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي (صلى الله عليه وآله) وذكره الله في كتابه... الحديث ".
فإنه - كما ترى - صريح الدلالة في أن فعله (صلى الله عليه وآله) لما ذكره الله تعالى في كتابه وإن كان غير صريح في الوجوب كنفي الجناح في الآيتين، صار موجبا لذلك، وما نحن فيه كذلك.
وبالجملة فإنا لو خلينا وظاهر الآية ولم يرد لنا عنه (صلى الله عليه وآله) كيفية بيان لذلك، لكان الأمر كما ذهبوا إليه، وأما بعد ورود كيفية البيان فيجب الوقوف عليها والأخذ بها.
واعترض شيخنا البهائي (قدس سره) في حبله وأربعينه بأنه لو اقتضى البيان وجوب الابتداء بالأعلى للزم مثله في امرار اليد، لوروده كذلك في مقام البيان.
وفيه أن صحيحة علي بن جعفر - (5) الدالة على الوضوء بالمطر بمجرد تساقطه