الطلاق كلها من طهر لا جماع فيه وشهادة واختيار، وقد تلفظ بالواحد التي سنت له، وإنما أتبعها بلفظة " ثلاثا "، فلغى ما أتبعها به وسقط، وجرى مجرى أن يقول: أنت طالق ويتبعه بلفظ لا حكم له في الشريعة، مثل أن يقول: دخلت الدار وأكلت الخبز وما جرى مجرى ذلك.
وقد علمنا أنه إذا أتبع هذه اللفظة وهي قوله: " أنت طالق " بكل لفظ لا يؤثر حكما في المطلقة فإن حكم اللفظة الأولى باق وواقع، ولا تأثير لما أتبعها به.
فإن قيل: لم يسن له أن يقول لها: " أنت طالق " ثم يقول، " ثلاثا " فيجب أن لا يقع طلاقه.
قلنا: ولم يسن له أن يقول لها: " أنت طالق " ثم يشتمها، أو يقذف غيرها، ومع ذلك فلو فعل خلاف ما سن له وبما يكون به عاصيا لم يخرج اللفظة الأولى من وقوع الطلاق بها ونفوذ حكمها.
ومما يدل أيضا على ذلك ما روي عن ابن عباس أنه قال: " الطلاق الثلاث على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر، وصدرا من أيام عمر طلقة واحدة، فقال عمر: لقد تعجلتم أمرا كان لكم فيه أناة، وألزمهم الثلاث (1) ".
المسألة الرابعة والستون والمائة:
" وإن قال لأربع نسوة له: إحداكن طالق، فالاحتياط أن يطلق كل واحدة منهن، ثم يراجعهن جميعا " (*).
عندنا أنه إذا لم يعين الطلاق في واحدة من نسائه حتى تتميز من غيرها لم يقع الطلاق.