لم يبطل فسقه حقوقه كلها من دين ووديعة وثمن مبيع وغير ذلك وأبطل حقه من الشفعة؟!
المسألة الثامنة والسبعون والمائة:
" كل حيلة في الشفعة وغيرها من المعاملات التي بين الناس فإني أبطلها ولا أجيزها " (*).
هذا غير صحيح، لأن من احتال في بيع الدراهم بأن ضم إليها صفح الحديد وما أشبهه صح عقد بيعه، لاخراجه ما فعله من الصفة التي تناولها النهي، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما نهى عن بيع الفضة بالفضة (1) وإذا ضم إليها غيرها فقد خرج عن هذه الصفة.
وكذلك إذا أقر الرجل بسهامه من دار فوهبها له ولم يأخذ منه عن ذلك ثمنا وأعطاه ذلك الموهوب شيئا على سبيل الهدية والهبة سقط حق الشفعة عن هذا الموهوب، لأنه عقد بغير عوض، ولم يلزم فيه الشفعة لخروجه عن الصفة التي تستحق معها الشفعة.
ولسنا نمنع من قصد بهذه الحيل إلى إبطال الحقوق أن يكون آثما مستحقا للعقاب، وإن كان عقده صحيحا ماضيا، وما نعرف خلافا بين محصلي الفقهاء في ذلك.
فإن قال: ألستم تروون أن من فر من الزكاة بأن سبك الدراهم والدنانير سبائك حتى لا تلزمه الزكاة، وما جرى هذا المجرى من فنون الهرب من الزكاة - أن الزكاة تلزمه ولا ينفعه هربه؟
قلنا: ليس نمنع أن يكون لزوم الزكاة - من هرب من الزكاة (2) لسبك السبائك وما أشبهها - لم تجب بالسبب الأول الذي يجب له فيه في الأصل الزكاة، لأن الزكاة