وقد استدل أصحاب أبي حنيفة على صحة ما ذهبوا إليه في هذه المسألة بقوله تعالى: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) (1) قالوا: فأباح القتال عاما، وذلك يشتمل على قتالهم بدوابهم وسلاحهم وعلى قتالهم بدوابنا وسلاحنا، وهذا قريب.
المسألة السابعة والمائتان:
" لا يخالف الإمام المتأخر الإمام المتقدم " (*).
هذه المسألة إنما تتفرع على غير أصولنا لأن من أصولنا أن الإمام معصوم، وأنه لا يحكم بالاجتهاد الذي يجوز أن يقع الخلاف فيه، بل بالنص والعلم.
وعلى هذين الأصلين لا يجوز أن يخالف الإمام الثاني الإمام الأول لأنه إذا خالفه لا بد أن يكون أحدهما مخطئا، والخطأ لا يجوز على الأئمة حسب ما قدمناه.
وقد انتهينا من الكلام على المسائل الواردة إلى الحد الذي لا تطويل فيه ولا تقليل، وأوردنا في كل مسألة على اختصار واقتصار ما يكفي في العلم بها، والاطلاع على مكنونها، والتفرقة بين صحتها وباطلها، لأنا لو قصدنا الشرح والبسط والاستيفاء (2) لخرج جواب هذه المسائل في أضعاف كثيرة لما أجبنا به، والزمان يضيق عنه، والشغل يمنع منه، وإيثار سرعة عود جواب المسائل أوجب بلوغ الغاية