فإذا تقرر ما ذكرناه، وكان الصحيح الجسم يشق عليه المشي الطويل إلى الحج لم يكن مستطيعا له في العرف الذي ذكرناه، وكذلك من وجد الراحلة ولم يجد نفقة لطريقه ولا لعياله يشق عليه السفر ويصعب (1) وتنفر نفسه لا يسمى مستطيعا، فوجب أن تكون الاستطاعة ما ذكرناه، لارتفاع المشاق والتكلف معه.
ومما يدل على بطلان مذهب مالك أيضا، ما روي من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (2) فقيل له:
يا رسول الله ما الاستطاعة؟ فقال: " الزاد والراحلة " (3).
المسألة السابعة والثلاثون والمائة:
" الأمر بالحج على التراخي " (*).
الذي يذهب إليه أصحابنا: أن الأمر بالحج على الفور، ووافقنا على ذلك أبو يوسف، ورواه عن أبي حنيفة (4) ووافق المزني (5) عليه.
وقال الشافعي: الحج على التراخي (6).
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتقدم ذكره: أن الأمر المطلق - وإن