لم يكن من مذهبنا أنه يوجب فورا ولا تراخيا في أصل وضع اللغة، وذهبنا إلى أنه على الوقف - فقد قطع الشرع العذر بوجوب حمل الأمر المطلق على الفور، كما قطع العذر بحمله على الوجوب، وإن كان في وضع اللغة لا يقتضي ظاهره وجوبا ولا ندبا.
وقد دللنا على هذه الجملة في مواضع من كلامنا في أصول الفقه، وبينا أن الصحابة والتابعين، ثم تابعي التابعين وإلى وقتنا هذا - يحملون أوامر الشرع في الأحكام الشرعية من كتاب وسنة على الوجوب والفور، وأن أحدا منهم لا يتوقف في ذلك طلبا لدليل فصار هذا العرف الشرعي موجبا لحمل الأوامر الشرعية على الفور (1)، وقد أمر الله تعالى بالحج أمرا مطلقا فيجب أن يكون محمولا على الفور.
وأيضا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: من وجد من الزاد والراحلة ما يبلغه الحج فلم يحج، فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا (2).
المسألة الثامنة والثلاثون والمائة:
" والعمرة واجبة من جهة الاستطاعة كالحج (*) ".
الصحيح عندنا: أن العمرة إنما تجب في العمر مرة واحدة، وما زاد على ذلك فهو فضل، وهو قول الشافعي في أصح قوليه، وذهب إلى ذلك الثوري، وأحمد، وإسحاق (3).