وربما قوي هذا المذهب بأن يقال: قد علمنا أن الحدود إنما وضعت في الشريعة للزجر عن فعل الفواحش والجنايات فكل ما كان الفعل أفحش كان الزجر أقوى ولا خلاف في أن اللواط أفحش من الزنا والكتاب ينطق بذلك فيجب أن يكون الزجر عنه أقوى، وليس هذا بقياس لكنه ضرب من الاستدلال.
وربما قوي بأن اللواط أفحش من الزنا بأنه إصابة لفرج لا يستباح إصابته بحال، وليس كذلك الزنا.
وعذر أبي حنيفة كأنه أوسع من عذر الشافعي وأبي يوسف ومحمد لأن أبا حنيفة يدعي أنه لم يعين (١) في الشريعة على دلالة تقتضي وجوب الحد على اللوطي، وكلما لا حد فيه من الجنايات ففيه التعزير، والشافعي ومن وأفقه من أبي يوسف ومحمد يجرون اللواط مجرى الزنا في جميع الأحكام، فيا ليت شعري من أين لهم ذلك؟ وكيف حكموا فيه بحكم الزنا، واسم الزنا لا يتناوله في الشرع؟
فإن قالوا اسم الزنا وإن لم يتناوله فاسم الفاحشة عام في اللواط والزنا.
قلنا: إنما علق النبي (صلى الله عليه وآله) الأحكام المخصوصة باسم الزنا فما لم يقع عليه هذا الاسم المعين لم يتعلق به الأحكام واسم الفاحشة وإن عم اللواط فهو يعم الزنا والسرقة وكل القبائح فيجب أن يجعل لجميع هذه الجنايات أحكام الزنا لأن اسم الفاحشة يقع عليها، قال الله تعالى: (إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (٢) وإنما أراد جميع القبائح والمعاصي.