والحجة فيه: الإجماع المتكرر.
فإن قيل: هذا المذهب يخالف ظاهر الكتاب، لأن الله تعالى قال: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) (١) وعموم الكلام يقتضي أن لا يكون ذو القربى واحدا وعموم قوله تعالى: (واليتامى والمساكين وابن السبيل) (٢) يقتضي تناوله لكل من كان بهذه الصفات ولا يختص ببني هاشم.
قلنا: ليس يمتنع تخصيص ما ظاهره العموم بالأدلة على أنه لا خلاف بين الأمة في تخصيص هذه الظواهر، لأن ذا القربى عام وقد خصوه بقربى النبي (عليه السلام) دون غيره، ولفظ اليتامى والمساكين وابن السبيل عام في المشرك والذمي والغني والفقير، وقد خصه الجماعة ببعض من له هذه الصفة.
على أن من ذهب من أصحابنا إلى أن ذا القربى هو الإمام القائم مقام الرسول عليه السلام خاصة، وسمي بذلك لقربه منه نسبا وتخصصا، الظاهر معه لأن قوله تعالى (ذي القربى) لفظ وحدة ولو أراد تعالى الجمع لقال: ولذوي القربى فمن حمل ذلك على الجماعة فهو مخالف للظاهر.
فإن قيل: فمن حمل ذا القربى في الآية على جميع ذوي القرابات من بني هاشم يلزمه أن يكون ما عطف على ذلك من اليتامى والمساكين وابن السبيل هم غير الأقارب لأن الشئ لا يعطف على نفسه.
قلنا: لا يلزم ذلك لأن الشئ وإن لم يعطف على نفسه فقد يعطف صفة على أخرى والموصوف واحد، لأنهم يقولون جاءني زيد العاقل والظريف والشجاع، والموصوف واحد، وقال الشاعر: