وكان من قبلي انما كانوا يصلون في كنائسهم وهذا نص في موضع النزاع فثبت الخصوصية ويؤيده ما أخرجه البزار من حديث ابن عباس نحو حديث الباب وفيه ولم يكن من الأنبياء أحد يصلى حتى يبلغ محرابه (قوله وطهورا) استدل به على أن الطهور هو المطهر لغيره لان الطهور لو كان المراد به الطاهر لم تثبت الخصوصية والحديث انما سيق لاثباتها وقد روى ابن المنذر وابن الجارود باسناد صحيح عن أنس مرفوعا جعلت لي كل أرض طيبة مسجدا وطهورا ومعنى طيبة طاهرة فلو كان معنى طهورا طاهرا للزم تحصيل الحاصل واستدل به على أن التيمم يرفع الحدث كالماء لاشتراكهما في هذا الوصف وفيه نظر وعلى ان التيمم جائز بجميع أجزاء الأرض وقد أكد في رواية أبى أمامة بقوله وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجدا وطهورا وسيأتى البحث في ذلك (قوله فأيما رجل) أي مبتدأ فيه معنى الشرط وما زائدة للتأكيد وهذه صيغة عموم يدخل تحتها من لم يجد ماء ولا ترابا ووجد شيئا من أجزاء الأرض فإنه يتيمم به ولا يقال هو خاص بالصلاة لأنا نقول لفظ حديث جابر مختصر وفى رواية أبى أمامة عند البيهقي فأيما رجل من أمتي أتى الصلاة فلم يجد ماء وجد الأرض طهورا ومسجدا وعند أحمد فعنده طهوره ومسجده وفى رواية عمرو بن شعيب فأينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت واحتج من خص التيمم بالتراب بحديث حذيفة عند مسلم بلفظ وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وهذا خاص فينبغي ان يحمل العام عليه فتختص الطهورية بالتراب ودل الافتراق في اللفظ حيث حصل التأكيد في جعلها مسجدا دون الآخر على افتراق الحكم والا لعطف أحدهما على الآخر نسقا كما في حديث الباب ومنع بعضهم الاستدلال بلفظ التربة على خصوصية التيمم بالتراب بأن قال تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره وأجيب بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ التراب أخرجه ابن خزيمة وغيره وفى حديث على وجعل التراب لي طهورا أخرجه أحمد والبيهقي باسناد حسن ويقوى القول بأنه خاص بالتراب ان الحديث سيق لاظهار التشريف والتخصيص فلو كان جائزا بغير التراب لما اقتصر عليه (قوله فليصل) عرف مما تقدم ان المراد فليصل بعد ان يتيمم (قوله وأحلت لي الغنائم) وللكشميهني المغانم وهى رواية مسلم قال الخطابي كان من تقدم على ضربين منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن لهم مغانم ومنهم من أذن له فيه لكن كانوا إذا غنموا شيا لم يحل لهم ان يأكلوه وجاءت نار فأحرقته وقيل المراد انه خص بالتصرف في الغنيمة يصرفها كيف شاء والأول أصوب وهو ان من مضى لم تحل لهم الغنائم أصلا وسيأتي بسط ذلك في الجهاد (قوله وأعطيت الشفاعة) قال ابن دقيق العيد الأقرب ان اللام فيها للعهد والمراد الشفاعة العظمى في إراحة الناس من هول الموقف ولا خلاف في وقوعها وكذا جزم النووي وغيره وقيل الشفاعة التي اختص بها انه لا يرد فيما يسال وقيل الشفاعة لخروج من في قلبه مثقال ذرة من ايمان لان شفاعة غيره تقع فيمن في قلبه أكثر من ذلك قاله عياض والذي يظهر لي ان هذه مرادة مع الأولى لأنه يتبعها بها كما سيأتي واضحا في حديث الشفاعة إن شاء الله تعالى في كتاب الرقاق وقال البيهقي في البعث يحتمل ان الشفاعة التي يختص بها انه يشفع لأهل الصغائر والكبائر وغيره انما يشفع لأهل الصغائر دون الكبائر ونقل عياض ان الشفاعة المختصة به شفاعة لا ترد وقد وقع في حديث ابن عباس وأعطيت الشفاعة
(٣٧١)