ذلك فيباح لأمر جائز كالسفر مثلا وأما قول غيره لو كان نجسا ما جاز التداوي به لقوله صلى الله عليه وسلم ان الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها رواه أبو داود من حديث أم سلمة وستأتى له طريق أخرى في الأشربة من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى والنجس حرام فلا يتداوى به لأنه غير شفاء فجوابه ان الحديث محمول على حالة الاختبار وأما في حال الضرورة فلا يكون حراما كالميتة للمضطر ولا يرد قوله صلى الله عليه وسلم في الخمر انها ليست بدواء انها داء في جواب من سأله عن التداوي بها فيما رواه مسلم فان ذلك خاص بالخمر ويلتحق به غيرها من المسكر والفرق بين المسكر وبين غيره من النجاسات ان الحد يثبت باستعماله في حالة الاختيار دون غيره ولان شربه يجر إلى مفاسد كثيرة ولأنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن في الخمر شفاء فجاء الشرع بخلاف معتقدهم قاله الطحاوي بمعناه وأما أبوال الإبل فقد روى ابن المنذر عن ابن عباس مرفوعا ان في أبوال الإبل شفاء لذربة بطونهم والذرب فساد المعدة فلا يقاس ما ثبت أن فيه دواء على ما ثبت نفى الدواء عنه والله أعلم وبهذه الطريق يحصل الجمع بين الأدلة والعمل بمقتضاها كلها (قوله فلما صحوا) في السياق حذف تقديره فشربوا من أبوالها وألبانها فلما صحوا وقد ثبت ذلك في رواية أبى رجاء وزاد في رواية وهيب وسمنوا وللإسماعيلي من رواية ثابت ورجعت إليهم ألوانهم (قوله واستاقوا النعم) من السوق وهو السير العنيف (قوله فجاء الخبر) في رواية وهيب عن أيوب الصريخ بالخاء المعجمة وهو فعيل بمعنى فاعل أي صرخ بالأعلام بما وقع منهم وهذا الصارخ هو أحد الراعيين كما ثبت في صحيح أبى عوانة من رواية معاوية بن قرة عن أنس وقد أخرج مسلم اسناده ولفظه فقتلوا أحد الراعيين وجاء الآخر قد جزع فقال قد قتلوا صاحبي وذهبوا بالإبل واسم راعى النبي صلى الله عليه وسلم المقتول يسار بياء تحتانية ثم مهملة خفيفة كذا ذكره ابن إسحاق في المغازي ورواه الطبراني موصولا من حديث سلمة بن الأكوع باسناد صالح قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم غلام يقال له يسار زاد ابن إسحاق أصابه في غزوة بنى ثعلبة قال سلمة فرآه يحسن الصلاة فأعتقه وبعثه في لقاح له بالحرة فكان بها فذكر قصة العرنيين وانهم قتلوه ولم أقف على تسمية الراعي الآتي بالخبر والظاهر أنه راعى ابل الصدقة ولم تختلف روايات البخاري في أن المقتول راعى النبي صلى الله عليه وسلم وفى ذكره بالافراد وكذا لمسلم لكن عنده من رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم بصيغة الجمع ونحوه لابن حبان من رواية يحيى بن سعيد عن أنس فيحتمل أن أبل الصدقة كان لها رعاة فقتل بعضهم مع راعى اللقاح فاقتصر بعض الرواة على راعى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر بعضهم معه غيره ويحتمل أن يكون بعض الرواة ذكره بالمعنى فتجوز في الاتيان بصيغة الجمع وهذا أرجح لان أصحاب المغازي لم يذكر أحد منهم أنهم قتلوا غير يسار والله أعلم (قوله فبعث في آثارهم) زاد في رواية الأوزاعي الطلب وفى حديث سلمة بن الأكوع خيلا من المسلمين أميرهم كرز بن جابر الفهري وكذا ذكره ابن إسحاق والأكثرون وهو بضم الكاف وسكون الراء بعدها زاي وللنسائي من رواية الأوزاعي فبعث في طلبهم قافة أي جمع قائف ولمسلم من رواية معاوية بن قرة عن أنس انهم شباب من الأنصار قريب من عشرين رجلا وبعث معهم قائفا يقتص آثارهم ولم أقف على اسم هذا القائف ولا على اسم واحد من العشرين لكن في مغازى الواقدي ان السرية كانت عشرين
(٢٩٢)