فأمرهم أن يلحقوا براعيه وله عن قتيبة عن حماد فأمر لهم بلقاح بزيادة اللام فيحتمل أن تكون زائدة أو للتعليل أو لشبه الملك أو للاختصاص وليست للتمليك وعند أبى عوانة من رواية معاوية ابن قرة التي أخرج مسلم اسنادها انهم بدؤا بطلب الخروج إلى اللقاح فقالوا يا رسول الله قد وقع هذا الوجع فلو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل وللمصنف من رواية وهيب عن أيوب انهم قالوا يا رسول الله أبغنا رسلا أي اطلب لنا لبنا قال ما أجد لكم الا ان تلحقوا بالذود وفى رواية أبى رجاء هذه نعم لنا تخرج فاخرجوا فيها واللقاح باللام المكسورة والقاف وآخره مهملة النوق ذوات الألبان واحدها لقحة بكسر اللام واسكان القاف وقال أبو عمرو يقال لها ذلك إلى ثلاثة أشهر ثم هي لبون وظاهر ما مضى أن اللقاح كانت للنبي وصرح بذلك في المحاربين عن موسى عن وهيب بسنده فقال الا أن تلحقوا بابل رسول الله صلى الله عليه وسلم وله فيه من رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير بسنده فأمرهم أن يأتوا ابل الصدقة وكذا في الزكاة من طريق شعبة عن قتادة والجمع بينهما ان ابل الصدقة كانت ترعى خارج المدينة وصادف بعث النبي صلى الله عليه وسلم بلقاحه إلى المرعى طلب هؤلاء النفر الخروج إلى الصحراء لشرب ألبان الإبل فأمرهم أن يخرجوا مع راعيه فخرجوا معه إلى الإبل ففعلوا ما فعلوا وظهر بذلك مصداق قوله صلى الله عليه وسلم ان المدينة تنفى خبثها وسيأتى في موضعه وذكر ابن سعد أن عدد لقاحه صلى الله عليه وسلم كانت خمس عشرة وأنهم نحروا منها واحدة يقال لها الحناء وهو في ذلك متابع للواقدي وقد ذكره الواقدي في المغازي باسناد ضعيف مرسل (قوله وان يشربوا) أي وأمرهم أن يشربوا وله في رواية أبى رجاء فاخرجوا فاشربوا من ألبانها وأبوالها بصيغة الامر وفى رواية شعبة عن قتادة فرخص له ان يأتوا الصدقة فيشربوا فأما شربهم ألبان الصدقة فلأنهم من أبناء السبيل وأما شربهم لبن لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فباذنه المذكور وأما شربهم البول فاحتج به من قال بطهارته أما من الإبل فبهذا الحديث وأما من مأكول اللحم فبالقياس عليه وهذا قول مالك وأحمد وطائفة من السلف ووافقهم من الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان والاصطخري والروياني وذهب الشافعي والجمهور إلى القول بنجاسة الأبوال والأرواث كلها من مأكول اللحم وغيره واحتج ابن المنذر لقوله بأن الأشياء على الطهارة حتى تثبت النجاسة قال ومن زعم أن هذا خاص بأولئك الأقوام فلم يصب إذ الخصائص لا تثبت الا بدليل قال وفى ترك أهل العلم بيع الناس أبعار الغنم في أسواقهم واستعمال أبوال الإبل في أدويتهم قديما وحديثا من غير نكير دليل على طهارتها (قلت) وهو استدلال ضعيف لان المختلف فيه لا يجب انكاره فلا يدل ترك انكاره على جوازه فضلا عن طهارته وقد دل على نجاسة الأبوال كلها حديث أبي هريرة الذي قدمناه قريبا وقال ابن العربي تعلق بهذا الحديث من قال بطهارة أبوال الإبل وعورضوا بأنه أذن لهم في شربها للتداوي وتعقب بأن التداوي ليس حال ضرورة بدليل أنه لا يجب فكيف يباح الحرام لما لا يجب وأجيب بمنع أنه ليس حال ضرورة بل هو حال ضرورة إذا أخبره بذلك من يعتمد على خبره وما أبيح للضرورة لا يسمى حراما وقت تناوله لقوله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم إليه فما اضطر إليه المرء فهو غير محرم عليه كالميتة للمضطر والله أعلم وما تضمنه كلامه من أن الحرام لا يباح الا لأمر واجب غير مسلم فان الفطر في رمضان حرام ومع
(٢٩١)