قال فكذلك النعلان لأنهما لا يفيدان القدمين انتهى وهو استدلال صحيح لكنه منازع في نقل الاجماع المذكور وليس هذا موضع بسط هذه المسئلة ولكن نشير إلى ملخص منها فقد تمسك من اكتفى بالمسح بقوله تعالى وأرجلكم عطفا على وامسحوا برؤسكم فذهب إلى ظاهرها جماعة من الصحابة والتابعين فحكى عن ابن عباس في رواية ضعيفة والثابت عنه خلافه وعن عكرمة والشعبي وقتادة وهو قول الشيعة وعن الحسن البصري الواجب الغسل أو المسح وعن بعض أهل الظاهر يجب الجمع بينهما وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة المذكورة وغيرها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه بيان للمراد وأجابوا عن الآية بأجوبة منها انه قرئ وأرجلكم بالنصب عطفا على أيديكم وقيل معطوف على محل برؤسكم كقوله يا جبال أوبي معه والطير بالنصب وقيل المسح في الآية محمول لمشروعية المسح على الخفين فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين وقراءة النصب على غسل الرجلين وقرر ذلك أبو بكر بن العربي تقريرا حسنا فقال ما ملخصه بين القراءتين تعارض ظاهر والحكم فيما ظاهره التعارض انه ان أمكن العمل بهما وجب والا عمل بالقدر الممكن ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة لأنه يؤدى إلى تكرار المسح لان الغسل يتضمن المسح والامر المطلق لا يقتضى التكرار فبقى أن يعمل بهما في حالين توفيقا بين القراءتين وعملا بالقدر الممكن وقيل انما عطفت على الرؤس الممسوحة لأنها مظنة لكثرة صب الماء عليها فلمنع الاسراف عطفت وليس المراد انها تمسح حقيقة ويدل على هذا المراد قوله إلى الكعبين لان المسح رخصة فلا يقيد بالغاية ولان المسح يطلق على الغسل الخفيف يقال مسح على أطرافه لمن توضأ ذكره أبو زيد اللغوي وابن قتيبة وغيرهما (قوله عبيد بن جريح) هو مدني مولى بنى تيم وليس بينه وبين ابن جريج الفقيه المكي مولى بنى أمية نسب وقد تقدم في المقدمة ان الفقيه هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج فقد يظن أن هذا عمه وليس كذلك وهذا الاسناد كله مدنيون وفيه رواية الاقران لان عبيدا وسعيدا تابعيان من طبقة واحدة (قوله أربعا) أي أربع خصال (قوله لم أر أحدا) من أصحابك) أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد بعضهم والظاهر من السياق انفراد ابن عمر بما ذكر دون غيره ممن رآهم عبيد وقال المازري يحتمل ان يكون مراده لا يصنعهن غيرك مجتمعة وإن كان يصنع بعضها (قوله الأركان) أي أركان الكعبة الأربعة وظاهره ان غير ابن عمر من الصحابة الذين رآهم عبيد كانوا يستلمون الأركان كلها وقد صح ذلك عن معاوية وابن الزبير وسيأتى الكلام على هذه المسئلة في الحج إن شاء الله تعالى (قوله السبتية) بكسر المهملة هي التي لا شعر فيها مشتقة من السبت وهو الحلق قاله في التهذيب وقيل السبت جلد البقر المدبوغ بالقرظ وقيل بالسبت بضم أوله وهو نبت يدبغ به قاله صاحب المنتهى وقال الهروي قيل لها سبتية لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت به يقال رطبة منسبتة أي لينة (قوله تصبغ) بضم الموحدة وحكى فتحها وكسرها وهل المراد صبغ الثوب أو الشعر يأتي الكلام على ذلك حيث ذكره المصنف في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى (قوله أهل الناس) أي رفعوا أصواتهم بالتلبية من أول ذي الحجة (قوله ولم تهل أنت حتى كان) ولمسلم حتى يكون يوم التروية أي الثامن من ذي الحجة ومراده فتهل أنت حينئذ وتبين من جواب ابن عمر أنه كان لا يهل حتى
(٢٣٤)