مرة ذلك للزومه إياه وانما هو مولى أخته أم هاني بنت أبي طالب (قوله عن أبي واقد) صرح بالتحديث في رواية النسائي من طريق يحيى بن أبي كثير عن إسحاق فقال عن أبي مرة ان أبا واقد حدثه وقد قدمنا ان اسم أبى واقد الحرث بن مالك وقيل ابن عوف وقيل عوف بن الحرث وليس له في البخاري غير هذا الحديث ورجال اسناده مدنيون وهو في الموطأ ولم يروه عن أبي واقد الا أبو مرة ولا عنه الا اسحق وأبو مرة والراوي عنه تابعيان وله شاهد من حديث أنس أخرجه البزار والحاكم (قوله ثلاثة نفر) النفر بالتحريك للرجال من ثلاثة إلى عشرة والمعنى ثلاثة هم نفر والنفر اسم جمع ولهذا وقع مميزا للجمع كقوله تعالى تسعة رهط (قوله فاقبل اثنان) بعد قوله أقبل ثلاثة هما اقبالان كأنهم أقبلوا أولا من الطريق فدخلوا المسجد مارين كما في حديث أنس فإذا ثلاثة نفر يمرون فلما رأوا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم أقبل إليه اثنان منهم واستمر الثالث ذاهبا (قوله فوقفا) زاد أكثر رواة الموطأ فلما وقفا سلما وكذا عند الترمذي والنسائي ولم يذكر المصنف هنا ولا في الصلاة السلام وكذا لم يقع في رواية مسلم ويستفاد منه ان الداخل يبدأ بالسلام وان القائم يسلم على القاعد وانما لم يذكر رد السلام عليهما اكتفاء بشهرته أو يستفاد منه ان المستغرق في العبادة يسقط عنه الرد وسيأتى البحث فيه في كتاب الاستئذان ولم يذكر انهما صليا تحية المسجد اما لكون ذلك كان قبل ان تشرع أو كانا على غير وضوء أو وقع فلم ينقل للاهتمام بغير ذلك من القصة أو كان في غير وقت تنفل قاله القاضي عياض بناء على مذهبه في أنها لا تصلى في الأوقات المكروهة (قوله فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي على مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على بمعنى عند (قوله فرجة) بالضم والفتح معا هي الخلل بين الشيئين والحلقة باسكان اللام كل شئ مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتحتين وحكى فتح اللام في الواحد وهو نادر وفيه استحباب التحليق في مجالس الذكر والعلم وفيه ان من سبق إلى موضع منها كان أحق به (قوله وأما الآخر) بفتح الخاء المعجمة وفيه رد على من زعم أنه يختص بالأخير لاطلاقه هنا على الثاني (قوله فأوى إلى الله فآواه الله) قال القرطبي الرواية الصحيحة بقصر الأول ومد الثاني وهو المشهور في اللغة وفى القرآن إذ أوى الفتية إلى الكهف بالقصر وآويناهما إلى ربوة بالمد وحكى في اللغة القصر والمد معا فيهما ومعنى أوى إلى الله لجأ إلى الله أو على الحذف أي انضم إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى فآواه الله أي جازاه بنظير فعله بان ضمه إلى رحمته ورضوانه فيه استحباب الأدب في مجالس العلم وفضل سد خلل الحلقة كما ورد الترغيب في سد خلل الصفوف في الصلاة وجواز التخطي لسد الخلل ما لم يؤذ فان خشى استحب الجلوس حيث ينتهى كما فعل الثاني وفيه الثناء على من زاحم في طلب الخير (قوله فاستحيا) أي ترك المزاحمة كما فعل رفيقه حياء من النبي صلى الله عليه وسلم وممن حضر قاله القاضي عياض وقد بين أنس في روايته سبب استحياء هذا الثاني فلفظه عند الحاكم ومضى الثاني قليلا ثم جاء فجلس فالمعنى انه استحيا من الذهاب عن المجلس كما فعل رفيقه الثالث (قوله فاستحيا الله منه) أي رحمه ولم يعاقبه (قوله فأعرض الله عنه) أي سخط عليه وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر هذا إن كان مسلما ويحتمل ان يكون منافقا واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره كما يحتمل ان يكون قوله صلى الله عليه وسلم فأعرض الله عنه اخبارا أو دعاء ووقع في حديث أنس فاستغنى فاستغنى الله عنه وهذا
(١٤٤)