(والمروي بتكرير لفظة " عن ") - كقولنا: " روى فلان عن فلان عن فلان " وهكذا - (معنعن)؛ وسلسلته عنعنة، وفي معنى ما ذكر " هو عن فلان وهو عن فلان " إلى آخر السند، من غير بيان للتحديث والإخبار وغيرهما، وقد ظن إلحاقه بالمرسل و المنقطع؛ لعدم استلزام العنعنة الاتصال حقيقة.
ولا يبعد عده حقيقة متصلا، إذا أمكن اللقاء ولم يكن احتمال التدليس متطرقا، وفاقا لجمهور المحققين، بل ربما استفيد من كلام بعضهم بلوغه حد الإجماع، وقد يرام به المتصل، وبالعنعنة الاتصال.
(ومطوي ذكر المعصوم (عليه السلام) مضمر)، فإن تحقق من الأصل أوجب الضعف، وإن اعترى قطعا لم يوجبه قطعا، والمحك ملاحظة القرائن من رواية من علم من حاله أنه لا يروي عن غير المعصوم، ك: محمد بن مسلم وأضرابه. وهل الشهرة تجبره أم لا؟
فيه وجهان، من عموم جبرها نقصان الرواية، وعدم معلومية كون المضمر رواية؛ لاحتمال كونه من غير المعصوم.
وقد علمت أن الخبر والحديث والرواية عندنا لا يطلق على ما لم يصدر من المعصوم إلا بنوع من التوسع والمجاز، وهذا هو مختار أكثر متأخري المتأخرين، كشيخنا صاحب الرياض وصاحب الجواهر أعلى الله مقامهما.
ولا يبعد عدها من القرائن المجدية عد عروض الإضمار من التقطيع دون الأصل، والله أعلم.
(وقصير السند عال)؛ لعلو سنده بقصر سلسلة رواته. وطلبه سنة عند أكثر القدماء، وكانوا يترحلون لأجل ذلك إلى أقصى البلاد، ويطأون الربي والوهاد، كيف لا؟ وهو أبعد عن الخلل المتطرق احتماله إلى كل راو، وقد يتحقق في النزول مزية دون العلو؛ لكثرة من يكون أوثق وأضبط وأحفظ وغير ذلك.
وأما استلزامه كثرة البحث المقتضية عظم المشقة الموجبة جزالة الأجر - بناء على أن أفضل الأعمال أحمزها - فهو أمر خارج عن المقصود في هذا الفن من التصحيح و التضعيف.