وعلى فرض تسليم كونه شهادة؛ فهي هنا غير مسموعة منه، لما ذكرنا [من] أنها شهادة على المعلوم، مع عدم صدق الشهادة على هذا، لأنها إخبار جازم للغير مما شاهده أو سمعه أو علمه، والتصحيح منقوش، فليس بشهادة، فيكون من باب الظن، مع [أن] احتمال الغفلة والسهو غير حاصل، بخلاف قولهم في المدح والذم ونحوهما، فإن ظاهر الإخبار الشهادة.
لا يقال: لابد في حصول الشهادة من السماع - ولو من الشاهد - ومجرد نقله في الكتاب لا يكون شهادة.
لأنا نقول: هذا هو الداعي في عدم كون الجرح والتعديل من باب الشهادة، لندرة حصول حديث صحيح غاية الندرة [حينئذ] وكذا كونهما من باب النبأ والرواية، فلذا ذهب المحقق البهبهاني إلى أنهما من باب الظنون الاجتهادية.
فإن قلت: فما الفرق بين القسمين؟
قلت: الفرق أن الأول من باب الشهادة على المجهول، والثاني من باب الشهادة على المعلوم، والأول غير مسموع، والثاني مسموع.
فإن قلت: كيف يمكن تحقق الشهادة واطلاع المصنفين على حال الرواة، مع بعد العهد؟
قلت: الشهادة [قد تكون] علمية [والعلم] قد يحصل من الشياع - كما في سلمان و أبي ذر وأمثالهما -.
وأما عدم تحقق الرواية؛ فلذلك أيضا، لأنها أيضا شهادة، إلا أن الفرق [هو] أن المراد من الشهادة في هذا المقام لزوم التعدد، ومن الرواية عدمه، مع التساوي في اشتراط العدالة ونحوها.
وأما الظنون الاجتهادية - وإن قال بعدم تحققها أيضا بعض المحققين، (1) تمسكا باختلاف الأخبار، و [مخالفة] الفحول من الأخيار - فيحصل التزلزل، فلا يحصل