محاسن الحكماء والفقهاء، ومع هذا صاحب اليد الطولى والباع القصوى في تتبع كتب الأحاديث، وصناعتي الرجال والدراية من الخاصة والعامة، إلا أن تحقيق الحال في المقام مما يحتاج إلى أخذنا مجامع كلمات علماء العامة بالنسبة إلى هذا المقام.
فأقول: إن كلمات جمع ممن ظفرت بكلامهم بالنسبة إلى هذا المقام وما يتعلق به متقاربة ومتعانقة، فننقل عنهم هاهنا ما هم عليه من الكلمات المتقاربة المتعانقة، فنقول:
إنهم قالوا: " أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه أنه يشترط في الراوي أن يكون عدلا ضابطا بأن يكون مسلما بالغا عاقلا سليما من أسباب الفسق وخوارم المروءة متيقظا حافظا - إن حدث من حفظه - ضابطا لكتابه - إن حدث منه - عالما بما يحيل المعنى، إن روى به.
ثم إن العدالة تثبت بتنصيص عدلين عليها أو بالاستفاضة، فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم وشاع الثناء عليه بها كفى فيها كمالك والسفيانين [والأوزاعي] (1) و الشافعي وأحمد وأشباههم.
وتوسع ابن عبد البر فيه فقال: كل حامل علم معروف العناية به محمول أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه وقوله هذا غير مرضي.
ثم إن الضبط يعرف بموافقته الثقات المتقنين غالبا ولا تضر مخالفته النادرة.
ثم إنه يقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور، ولا يقبل الجرح إلا مبين السبب. وأما كتب الجرح والتعديل التي لا يذكر فيها سبب الجرح ففائدتها التوقف فيمن جرحوه؛ فإن بحثنا عن حاله وانزاحت عنه الريبة وحصلت الثقة به قبلنا حديثه كجماعة في الصحيحين بهذه المثابة.
ثم الحق أن الجرح والتعديل يثبتان بواحد، وقيل: لابد من اثنين ". (2)