قال أبو مخنف: (حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله، إن هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين: تعذب بعذاب الله، وتقتل الولدان والنساء؟ إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك؟! قال: فقال: من أنت؟ قلت: لا أخبرك من أنا، وخشيت والله، لو عرفني أن يضرني عند السلطان، قال: فجاء رجل كان أطوع له مني شبث بن ربعي فقال: ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك، أصرت مرعبا للنساء؟ قال: فأشهد أنه استحيى فذهب لينصرف.
أقول: هذا شمر مع أنه كان جلفا جافا قليل الحياء استحيى من شبث ثم انصرف، وأما الذي جاء إلى باب أمير المؤمنين وأهل بيته: وهددهم بتحريقهم، وقال: والذي نفس فلان بيده، ليخرجن أو لأحرقنه على ما فيه، فقيل له: إن فيه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولد رسول الله وآثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأشهد أنه لم يستحي ولم ينصرف بل فعل ما فعل، ولم يكن لأمير المؤمنين عليه السلام من ينصره ويذب عنه، إلا ما روي عن الزبير أنه لما رأى القوم أخرجوا عليا عليه السلام من منزله ملببا أقبل مخترطا سيفه وهو يقول: يا معشر بني عبد المطلب! أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء؟ وشد على عمر ليضربه بالسيف فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده، فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسرت.
وروى الشيخ الكليني عن سدير، قال: كنا عند أبي جعفر عليه السلام فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيهم واستذلالهم أمير المؤمنين عليه السلام، فقال رجل من القوم: أصلحك الله، فأين كان عز بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: ومن كان بقي من بني هاشم؟ إنما كان جعفر وحمزة فمضيا وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام: عباس وعقيل: وكانا من الطلقاء، أما والله، لو أن حمزة و جعفرا كانا بحضرتهما ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما، فلذلك روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه لم يقم مرة على المنبر إلا قال في