كان من مال الله وفيه حق المسلمين واليتيم وابن السبيل، فوالله، مالك أن تعطينيه، ولا لي أن آخذه، فقال: أبيت والله، إلا ما أبيت، ثم قام إلي بالقضيب فضربني، والله ما أرد يده حتى قضى حاجته، فتقنعت بثوبي رجعت إلى منزلي... الخبر (1).
شكواه عليه السلام من تكاهل أصحابه وتواكلهم 28 - قال ابن أبي الحديد: (قال إبراهيم: وقدم علج (2) من أهل الأنبار على علي عليه السلام فأخبره الخبر، فصعد المنبر فخطب الناس وقال: (إن أخاكم البكري قد أصيب بالأنبار (3) وهو معتز لا يخاف ما كان، واختار ما عند الله على الدنيا، فانتدبوا إليهم حتى تلاقوهم، فإن أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا). ثم سكت عنهم رجاء أن يجيبوه أو يتكلم متكلم منهم بكلمة فلم ينبس أحد منهم بكلمة، فلما رأى صمتهم نزل وخرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة والناس يمشون خلفه حتى أحاط به قوم من أشرافهم فقالوا: ارجع يا أمير المؤمنين، ونحن نكفيك، فقال: ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم، فلم يزالوا به حتى صرفوه إلى منزله وهو واجم كئيب.
ودعا سعيد بن قيس الهمداني فبعثه من النخيلة في ثمانية آلاف، وذلك أنه أخبر أن القوم جاؤوا في جمع كثيف، فخرج سعيد بن قيس على شاطئ الفرات في طلب سفيان بن عوف حتى إذا بلغ عانات سرح أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني فأتبع آثارهم حتى دخل أداني أرض قنسرين وقد فاتوه وانصرف. قال:
ولبث علي عليه السلام ترى فيه الكآبة والحزن حتى قدم عليه سعيد ابن قيس، وكان تلك الأيام عليلا فلم يقو على القيام في الناس بما يريده من القول، فجلس بباب السدة