المكان على ستة أقسام، ثلاثة منها في الأجسام، ومن الأجسام الكثيفة و المتوسطة واللطيفة، وثلاثة منها للأرواح من الأرواح الأدنى والوسطى والعليا، و يختلف تزاحم الأجسام في تلك الأمكنة بعضها مع بعض وعدمه، وسرعة الحركة والسير فيها أيضا مختلفة، وللأنبياء والأولياء المعصومين عليهم السلام مراتب ودرجات، ولهم بحسب نفوسهم القدسية القدرة والاستعداد بالتصرف في جميع تلك الأمكنة والإحاطة بجميع الملك والملكوت بإذن الله تعالى وإقداره).
وبعد إمعان النظر والتأمل فيما ذكره ينحل بعض الشبهات والإشكالات التي يتخيلها الإنسان كحضور الأئمة عليهم السلام في آن واحد في أمكنة متعددة وسيرهم في مدة قليلة إلى مسافة كثيرة بعيدة، وأمثال ذلك، وأظن أن وجود تلك الأمكنة و سرعة الحركة فيها وتفاوتها في هذا العصر من البديهيات، وأكثرها من المشاهدات والحسيات، وراجع إلى كتاب (وسيلة المعاد) للعلامة الجليل المولى حبيب الله القاساني رحمه الله تجد تفصيل ما ذكرناه (1).
نظر المؤلف في المسألة:
ولما بلغ الكلام في هذا البحث إلى هنا جدير بنا أن نشير إلى نكتة مهمة ينبغي التوجه إليها وهي: إن للخلقة أسرارا، ولكل من العوالم سننا وأطوارا، فإن عالم الطبيعة أضيق العوالم وأخسها، وعالم الآخرة أوسع العوالم وأشرفها، ولكل واحد منهما نظام خاص وسنن معينة فعلى هذا إياك أن تقايس بين النظامين، وأن تجري أحكام كل واحد منهما على الاخر، فإن من شؤون هذا العالم العنصري الطبيعي عدم إمكان وقوع جسم واحد في وقت واحد في أمكنة متعددة، وقول من يقول: (كيف يمكن أن يكون جسم واحد في آن واحد وحالة واحدة في أمكنة متعددة؟) صحيح واضح لا شك فيه، ولكن فيه قياس نظام هذا العالم