لا يجزيه ولا يسمنه ولا يغنيه (1).
وقال العلامة الطريحي، في مادة (بوب): (وفي الخبر الصحيح: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب). رواه الكثير منهم، ونقل عليه بعضهم إجماع الأمة لأنه جعل نفسه الشريفة تلك المدينة، ومنع الوصول إليها إلا بواسطة الباب، فمن دخل منه كان له عن المعصية مندوحة، وفاز فوزا عظيما، و اهتدى صراطا مستقيما، نقل أن سبب الحديث أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له:
طمش طاح، فغادر شبلا، لمن النشب؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: للشبل مميطا، فدخل علي عليه السلام فذكر له النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفظ الأعرابي، فأجاب بما أجاب به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها).
ومن لطيف ما نقل هنا أن أعرابيا دخل المسجد فبدأ بالسلام على علي عليه السلام، ثم سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فضحك الحاضرون وقالوا له في ذلك، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، فقد فعلت كما أمر صلى الله عليه وآله وسلم).
أقول: الطمش - بالكسر - الناس، يقال: ما أدري أي الطمش هو، أي أي الناس. وطاح: هلك، وسقط، وأشرف على الهلاك. والمغادرة: الترك، وأغدر الشئ: تركه وأبقاه، والشبل: ولد الأسد، وشبل الغلام أحسن شبول إذا نشأ، و الميط: الشئ، وما عنده ميط أي ما عنده شئ (2). ومعنى الخبر: رجل مات و هلك، وترك ولدا، لمن المتاع والتركة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: التركة للولد.
وفي (تاريخ بغداد)، عن جابر بن عبد الله، قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية - وهو آخذ بيد علي - يقول: هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله - يمد بها صوته - أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد