بينه وبين علي عليهما السلام تنبيها على سر الآية وحكمتها فإن الله عز وجل جعلها مكتنفة من بين يديها ومن خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها. وحيث كان المراد من قوله (وأنفسنا) نفس علي مع النبي جعلها بينهما إذا الحراسة بالإحاطة بالأنفس أبلغ منها بالأبناء في دلالتها (1).
وقال أحمد بن حجر الهيتمي: (أخرج الدارقطني أن عليا يوم الشورى احتج على أهلها فقال لهم: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الرحم مني، ومن جعله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه وأبناءه أبناءه ونساءه نساءه غيري؟ قالوا: اللهم لا، - الحديث (2).
وقال الفخر الرازي في تفسيره: (المسألة الخامسة: كان في الري رجل يقال له:
محمود بن الحسن الحمصي، وكان معلم الاثني عشرية، وكان يزعم أن عليا - رضي الله عنه - أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال: والذي يدل عليه قوله تعالى: (ؤ أنفسنا وأنفسكم)، وليس المراد بقوله (أنفسنا) نفس محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأن الانسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يمكن أن يكون المراد منه أن هذه النفس هي عين تلك النفس، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه. ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة وفي حق الفضل لقيام الدلائل على أن محمدا عليه السلام كان نبيا و ما كان علي كذلك. ولانعقاد الاجماع على أن محمد عليه السلام كان أفضل من علي - رضي الله عنه - فيبقى فيما وراءه معمولا به، ثم الاجماع دل على أن محمد عليه السلام كان أفضل من سائر الأنبياء: فيلزم أن يكون علي أفضل من سائر الأنبياء. فهذا وجه