بين الغث والسمين، فأتيت عليا عليه السلام لأشكوا إليه، فوجدته قائما يصلي، فلما نظر إلى انفتل من صلاته ثم قال لي برأفة وتعطف: ألك حاجة؟ فأخبرته الخبر، فبكى ثم قال: اللهم إنك أنت الشاهد علي وعليهم أني لم أمرهم بظلم خلقك، ولا بترك حقك. ثم أخرج من جيبه قطعة كهيئة طرف الجراب فكتب فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين و ما أنا عليكم بحفيظ (1) إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام). فعزله يا أمير المؤمنين، ما خزمه بخزام، ولا ختمه بختام.
فقال معاوية: اكتبوا لها بالانصاف لها والعدل عليها، فقالت: ألي خاصة أم قومي عامة؟ قال: وما أنت وغيرك؟ قالت: هي - والله - إذن الفحشاء واللوم إن لم يكن عدلا شاملا، وإلا أنا كسائر قوي، قال: هيهات لمظكم ابن أبي طالب الجرأة، وغركم قوله:
فلو كنت بوابا على باب جنة * لقلت لهمدان ادخلوا بسلام ثم قال: اكتبوا لها ولقومها بحاجتها (2).
أم الخير بنت الحريش الباقية 6 - قال عمر رضا كحالة: (من ربات الفصاحة والبلاغة، قدمت على معاوية بن أبي سفيان بعد أن كتب إلى واليه بالكوفة أن أوفد علي أم الخير بنت الحريش...
فقال (معاوية لأصحابه): أيكم حفظ كلام أم الخير؟ قال رجل من القوم: أنا أحفظه