على الغافلين، ولا استغمز بالشديدة: لا أضعف للخطوب وإن اشتدت. ولا يصانع:
لا يداري. ولا يضارع: لا يشبه المبطلين في شئ من أحكامه، وقيل: لا يخضع و لا يضرع.
والمستفاد من هذه الكلمات الشريفة أن عليا عليه السلام يعرف الفرص والوسائل و الأسباب إلى بلوغ الملك والسلطان ولكنه لا يستعملها على حساب دينه، فإنه عليه السلام لا يعلم من النجاح والظفر إلا مرضاة الله، والعمل بالحق والعدل، وهو عليه السلام مستعد لأن يضحي بالنفس والملك وبكل عزيز ليبلغ هذه الغاية.
وقال ابن أبي الحديد: إن فاطمة عليها السلام حرضته يوما على النهوض والوثوب فسمع صوت المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: أيسرك زوال هذا النداء من الأرض؟ قالت: لا، قال: فإنه ما أقول لك (1).
وقال - أيضا: (اعلم أن السائس لا يتمكن من السياسة البالغة، إلا إذا كان يعمل برأيه وبما يرى فيه صلاح ملكه وتمهيد أمره وتوطيد قاعدته، سواء وافق الشريعة أولم يوافقها، ومتى لم يعمل في السياسة والتدبير بموجب ما قلناه فبعيد أن ينتظم أمره أو يستوثق حاله، وأمير المؤمنين كان مقيدا بقيود الشريعة، مدفوعا إلى اتباعها ورفض ما يصلح اعتماده من آراء الحرب والكيد والتدبير إذا لم يكن للشرع موافقا، فلم تكن قاعدته في خلافته قاعدة غيره ممن لم يلتزم بذلك.
ولسنا بهذا القول زارين على عمر بن الخطاب، ولا ناسبين إليه ما هو منزه عنه، ولكنه كان مجتهدا يعمل بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة، ويؤمي تخصيص عمومات النص بالآراء وبالاستنباط من أصول تقتضي خلاف ما يقتضيه عموم النصوص، ويكيد خصمه، ويأمر أمراء بالكيد والحيلة، ويؤدب بالدرة و السوط - إلى أن قال - ولم يكن أمير المؤمنين عليه السلام يرى ذلك، وكان يقف مع