بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة.
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع و أكبادهم تنفطر، وبقى عمر ومعه قوم فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا: إذا والله، الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك، فقال: إن أنا لم أفعل إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، قال عمر: أما عبد الله فنعم، و أما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟
فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق علي بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصيح ويبكي وينادي: (يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني (1) (2).
11 - قال العلامة الفيض رحمه الله: (ثم إن عمر جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين و أتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام فوافوا بابه مغلقا فصاحوا به: اخرج، يا علي -!
فإن خليفة رسول الله يدعوك، فلم يفتح لهم الباب، فأتوا بحطب فضعوه على الباب وجاؤوا بالنار ليضرموه، فصاح عمرو قال: والله، لئن لم تفتحوا لنضرمنه بالنار فلما عرفت فاطمة عليها السلام أنهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب، فدفعوها القوم قبل أن تتوارى عنهم، فاختبت فاطمة عليها السلام وراء الباب والحائط، ثم إنهم تواثبوا على أمير المؤمنين عليه السلام وهو جالس على فراشه، واجتمعوا عليه حتى أخرجوه سحبا من داره ملبسا بثوبه يجرونه إلى المسجد، فحالت فاطمة بينهم وبين بعلها، وقالت:
والله، لا أدعكم تجرون ابن عمي ظلما، ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت وقد أوصاكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتباعنا ومودتنا والتمسك بنا، فقال الله تعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (3) (4).