ومن قبله كتاب موسى). وعن الباقر عليه السلام: (إنما أنزلت: أفمن كان على بينة من ربه (يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ويتلوه (علي) شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى أولئك يؤمنون به. فقدموا وأخروا في التأليف (1).
وقال العلامة، السيد علي الموسوي البهبهاني في كتابه (مصباح الهداية): (وأما المقام الثالث وهو الاحتواء على المنقبة الفاضلة فيظهر من مواضع منها (أي من آية الشاهد). الأول: كونه عليه السلام شاهدا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم على رسالته. والثاني: أنه من الرسول. والثالث: أنه تال له. والرابع والخامس: أنه إمام ورحمة.
توضيح الأمر: إن من الآثار المترتبة على الشهادة برسالته صلى الله عليه وآله وسلم إسلام الشاهد، وهو مترتب عليها في جميع الموارد سواء كان الشاهد معصوما، أم لا. ومنها ثبوت الرسالة بها، وهو إنما يترتب عليها إذا كان الشاهد عالما معصوما من الخطأ والزلل عمدا وسهوا وجهلا. والغرض في المقام إنما هو الثاني لا الأول، ضرورة أنه عز وجل في مقام إثبات رسالة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالحجج القاطعة التي لا ينبغي الارتياب فيها ممن له حظ من مراتب التعقل، فلو لم يكن هذا الشاهد الذي ذكره تعالى معصوما من الجهل والزلل عمدا وسهوا لم يكن لذكره في هذا المقام وجعل شهادته في مقابل بينة الرب تعالى مقدمة على شهادة كتاب موسى مجال...
هذا كله بالنسبة إلى كونه عليه السلام شاهدا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم على رسالته، وأما كونه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فمنقبة أخرى قد كشف عنها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ما رواه الفريقان أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا وعلي من شجرة واحدة، والناس من أشجار شتى) و (على مني و أنا منه)، وهي منقبة جليلة دالة على اتحادهما وتساويهما في الكمال، وعدم ارتقاء أحد من الناس مرتبته ودرجته.
وأما كونه تاليا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم - بناء على أخذ يتلوه من التلو ورجوع - الضمير