نحتفل بذكرى ولادة بحر العلم الخضم الذي تدفق بنهج البلاغة، وهو نبع من ينابيعه، وشرعة من مشاريعه، ولا جاءت العصور، ولا انجلت الدهور عن كتاب بعد كتاب الله العظيم أنفع ولا أجمع ولا ألمع ولا أنصع منه في إقامة براهين التوحيد، ودلائل الصنعة، وأسرار الخلقة، وأنوار الحقيقة، وتهذيب النفس، و سياسة المدن، وحكمة التشريع، والعظات البليغة، والحجج الدامغة، وإنارة العقول، وطهارة النفوس بينا نراه يفيض ينابيع الحكمة النظرية والعملية ويرهق على توحيد الصانع، ويعرق في وصف الملائكة والمجردات بيانا، ويمثل لك الجنة والنار عيانا....
نحتفل بذكرى ولادة الأمام الذي وضع الدنيا تحت قدميه، وكانت - وهي العزيزة لغيره - أحقر شئ لديه، الأمام الذي عرف حقيقتها، وأعطاها حقها، قال:
(يا دنيا غري غيري)، الأمام الذي لولا ضرب ماضية ما اخضر للإسلام عود، و لا قام له عمود، بل لولاه لما استقام الوجود، ولا عرف المعبود... (1).
19 - عن المولى الحاج محمد علي (2): (اعلم أن من تتبع الأخبار والآثار، و جاس خلال تلك الديار ظهر عنده كالشمس في رائعة النهار أن أفضل جميع المخلوقات، وأشرف جميع الموجودات هم الأنوار الأربعة عشر، وهم أهل دائرة واحدة هي أعلى الدوائر الكونية لا دائرة فوقها في الشرف والفضيلة، وهم من طينة واحدة، ونور كل واحد منهم من جنس نور الآخر، لكن بالتقدم والتأخر