فقال الزبير في معارضته: وأنا أشهدكم على نفسي أني قد وهبت حقي من الشورى لعلي عليه السلام وإنما فعل ذلك لأنه لما رأى عليا قد ضعف وانخزل بهبة طلحة حقه لعثمان دخلته حمية النسب لأنه ابن عمة أمير المؤمنين عليه السلام وهي صفية بنت عبد المطلب، وأبو طالب خاله، وإنما مال طلحة إلى عثمان لانحرافه عن علي عليه السلام باعتبار أنه تيمي وابن عم أبي بكر الصديق، وكان حصل في نفوس بني هاشم من بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة وكذلك صار في صدور تيم على بني هاشم، و هذا أمر مركوز في طبيعة البشر وخصوصا طينة العرب وطبايعها والتجربة إلى الان تحقق ذلك (1).
فبقي من الستة أربعة، فقال سعد بن أبي وقاص: وأنا قد وهبت حقي من الشورى لابن عمي عبد الرحمن، وذلك لأنها من بني زهرة ولعلم سعد أن الأمر لا يتم له، فلما لم يبق إلا الثلاثة قال عبد الرحمن لعلي وعثمان: أيكما يخرج نفسه من الخلافة ويكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين؟ فلم يتكلم منهما أحد، فقال عبد الرحمن: أشهدكم أنني قد أخرجت نفسي من الخلافة على أن أختار أحدهما، فأمسكا، فبدأ بعلي عليه السلام وقال له: أبايعك على كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر، فقال: بل على كتاب الله وسنة رسول الله واجتهاد رأيي، فعدل عنه إلى عثمان فعرض ذلك عليه فقال: نعم، فعاد إلى علي عليه السلام فأعاد قوله، فعل ذلك عبد الرحمن ثلاثا فلما رأى أن عليا عليه السلام غير راجع عما قاله وأن عثمان ينعم له بالإجابة صفق على يد عثمان وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين!
فيقال: إن عليا عليه السلام قال له: والله، ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجى صاحبكما من صاحبه، دق الله بينكما عطر منشم. قيل: ففسد بعد ذلك بين عثمان