المادي بنظام عالم الآخرة، والحال أن للآخرة نظاما خاصا وأحكاما معينة مخصوصة بها، وأن سننها لا تطابق سنن الدنيا في جميع الشؤون، فلا يرد الأشكال المذكور من حضور النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من ولده عليهم السلام عند المحتضر بأشخاصهم و أنفسهم الشريفة (لأن حضورهم عليهم السلام إنما يقع في أول مرحلة من مراحل الآخرة.) وهذا التفاوت بين النظامين منصوص عليه في بعض الآيات والأخبار الواردة عن المعصومين، فها إليك بعض نصوصها:
فأما الآيات فهي:
نظام الدنيا: إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا (1).
نظام الآخرة: فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة (2).
نظام الدنيا: وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد (3).
نظام الآخرة: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (4).
نظام الدنيا: هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون (5).
نظام الآخرة: متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا (6).
فالإمعان في هذه الآيات الشريفة يشهد لما قلناه من تفاوت النظامين، فإن تكون الإنسان وخلقته يكون في الدنيا من نطفة أمشاج بخلاف الآخرة فإن الإنسان يقوم فيها من زجرة واحدة لا من مني يمنى كما يكون في الدنيا.