لك في مرتقى العلى والمعالي * درجات لا يرتقى أدناها أنت بعد النبي خير البرايا * والسماء خير ما بها قمراها واستدل الفخر الرازي في تفسيره بقوله تعالى: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسئلكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين (1) على أفضلية نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأنبياء لاجتماع خصال الأنبياء فيه كاستدلالنا بها على أفضلية علي عليه السلام.
قال: (احتج العلماء بهذه الآية أن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من جميع الأنبياء عليهم السلام، و تقريره: هو أنا بينا أن خصال الكمال وصفات الشرف كانت مفرقة فيهم (أي في الأنبياء) بأجمعهم، فداود وسليمان كانا من أصحاب الشكر على النعمة، وأيوب كان من أصحاب الصبر على البلاء، ويوسف كان مستجمعا لهاتي الحالتين، و موسى عليه السلام كان صاحب الشريعة القوية القاهرة والمعجزات الظاهرة، وزكريا و يحيى وعيسى وإلياس كانوا أصحاب الزهد، وإسماعيل كان صاحب الصدق، و يونس صاحب التضرع. فثبت أنه تعالى إنما ذكر كل واحد من هؤلاء الأنبياء لأن الغالب عليه كان خصلة معينة من خصال المدح والشرف.
ثم إنه تعالى لما ذكر الكل أمر محمدا - عليه الصلاة والسلام - بأن يقتدي بهم بأسرهم، فكان التقدير كأنه تعالى أمر محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أن يجمع من خصال العبودية والطاعة كل الصفات التي كانت مفرقة فيهم بأجمعهم ولما أمره الله تعالى بذلك امتنع أن يقال: إنه قصر في تحصيلها، فثبت أنه حصلها، ومتى كان الأمر كذلك ثبت أنه اجتمع فيه من خصال الخير ما كان متفرقا فيهم بأسرهم، ومتى كان الأمر كذلك وجب أن يقال: إنه أفضل منهم (2) أقول: فبناء على هذا فلا تنس أحاديث الأشباه ودلالتها على أفضلية علي عليه السلام.