ابن ملجم في المسجد فقتله...) والجواب: إن هذا إن كان قادحا في السياسة وصحة التدبير... فليكن قادحا في صحة تدبير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان يخرج وحده في المدينة ليلا ونهارا مع كثرة أعدائه... ولأن عليا عليه السلام كانت هيبته قد تمكنت في صدور الناس، فلم يكن يظن أن أحدا يقدم عليه غيلة... (1).
أقول: وهذا كله مع أنه عليه السلام يقدم في سياسته وتدبيره مصلحة الإسلام على حق نفسه، وكان يضحي بنفسه في سبيل مصلحة الإسلام ورقاه وقامه على أصوله.
قال ابن أبي الحديد: (روى الكلبي قال: لما أراد علي عليه السلام المسير إلى البصرة قام فخطب الناس فقال بعد أن حمد الله وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثوا عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف فولي الأمر قوم لم يألوا في أمرهم اجتهادا، ثم انتقلوا إلى دار الجزاء والله ولى تمحيص سيئاتهم والعفو عن هفواتهم (2)، فما بال طلحة والزبير وليسا من هذا الأمر بسبيل، لم يصبرا علي حولا ولا أشهرا حتى وثبا ومرقا ونازعاني أمرا لم يجعل الله لهما إليه سبيلا، بعد أن بايعا طائعين غير مكرهين، يرتضعان اما قد فطمت، ويحييان بدعة قد أميتت، أدم عثمان زعفا؟
والله ما لا تبعة إلا عندهم وفيهم، وإن أعظم حجتهم لعلى أنفسهم، وأنا راض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم، فإن فاءا وأنابا فحظهما أحرزا، وأنفسهما غنما، و أعظم بهما غنيمة! وإن أبيا أعطيهما حد السيف وكفى به ناصرا لحق، وشافيا