الإمام علي بن أبي طالب (ع) - أحمد الرحماني الهمداني - الصفحة ٤٣٥
يأتيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو أتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه الأحاديث لا تساعد كشف الحجاب عن بصر المحتضر فيرونهم وهم عليهم السلام في مقامهم من دون حركة منهم (1).
وقال المحدث الكبير والعالم الخبير، السيد نعمة الله الجزائري رحمه الله بعد نقل الأخبار الكثيرة في حضور النبي وأهل بيته الكرام: عند المحتضر: (ولم يذهب أحد من الأصحاب إلى تأويل هذا ولا إلى إنكاره. نعم، ذهب سيدنا الأجل علم الهدى - تغمده الله برحمته - إلى تأويله فقال: معنى قوله: (من يمت يرني) أنه يعلم في ذلك الحال ثمرة ولايته عليه السلام وانحرافه عنه، لأن المحتضر قد روي أنه إذا عاين الموت وقاربه أرى في تلك الحال ما يدل على أنه من أهل الجنة والنار، وقد تقول العرب: رأيت فلانا، إذا رأى ما يتعلق به من فعل أو أمر يعود إليه، وإنما اخترنا هذا التأويل لأن أمير المؤمنين عليه السلام جسم فكيف يشاهده كل محتضر؟
والجسم لا يجوز أن يكون في الحالة الواحدة في جهات مختلفة، ولهذا قال المحصلون: إن ملك الأموات الذي يقبض الأرواح جنس، ولا يجوز أن يكون واحدا لأنه جسم (2) والجسم لا يجوز أن يكون في حالة واحدة في أماكن متعددة، فقوله تعالى: يتوفاكم ملك الموت (3) أراد به الجنس كما قال: والملك على أرجائها (4).
هذا كلامه رحمه الله، والعجب منه كيف ارتكب تأويل هذه الأخبار الكثيرة مع أن

(1) - وأيضا ان نسبة الكوكب بالناظرين إليه نسبة متساوية، وان نسبتهم عليهم السلام بالمحتضرين مختلفة، فيلقون المحبين بوجه مستبشر، ويواجهون المنكرين بوجه عبوس متنكر، وهذا يستدعى التفاتا خاصا لكل واحد من الطائفتين فلا يساعد الاستقرار في مكان واحد مع وضع واحد. (أستاذ ولي) (2) - قد ثبت في الفلسفة الإسلامية إن الملائكة وجودات مجردات عن المادة والجسمية، وقد ثبت - أيضا - في الأخبار أن لملك الموت أعوانا، وبهذين الامرين تنحسم مادة الأشكال، والتنظير بملك الموت فحسب. (أستاذ ولي) (3) - ألم السجدة، 41: 11.
(4) - الحاقة، 69: 17.
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست