الفصل 8 في أن الله عز وجل ألقى الحقائق على لسان المخالف قال ابن أبي الحديد - عند شرح كلام علي عليه السلام (خطبة 154 من نهج البلاغة: (نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا -: (واعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام لو فخر بنفسه، و بالغ في تعديد مناقبه وفضائله بفصاحته التي آتاه الله تعالى إياها واختصه بها وساعده على ذلك فصحاء العرب كافة لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به الرسول الصادق - صلوات الله عليه - في أمره، ولست أعني بذلك الأخبار العامة الشائعة التي يحتج بها الإمامية على إمامته كخبر الغدير، والمنزلة، وقصة براءة، وخبر المناجاة، وقصة خيبر، وخبر الدار بمكة في ابتداء الدعوة، ونحو ذلك، بل الأخبار الخاصة التي رواها فيه أئمة الحديث التي لم يحصل أقل القليل منها لغيره. وأنا أذكر من ذلك شيئا يسيرا مما رواه علماء الحديث الذين لا يتهمون فيه، وجلهم قائلون بتفضيل غيره عليه، فروايتهم فضائله توجب سكون النفس ما لا توجبه رواية غيرهم - ثم قال: -.
الخبر الأول: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم): (يا علي! إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إليه منها، هي زينة الأبرار عند الله تعالى: الزهد في الدنيا، جعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا، ولا ترزأ الدنيا منك شئ، ووهب لك حب المساكين،