شأنه بما لا يكون حجة ويجعلها حجة وكافية قاطعة للخصومة. وقال بعضهم: (إن كون الآية مكية لا ينافي أن يكون الكلام إخبارا عما سيشهد به)، وفيه أي معنى لأن يحتج على قوم يقولون: لست مرسلا، بأن يقال لهم: صدقوه اليوم لأن بعض علماء أهل الكتاب سوف يشهدون عليه.
إن قلت: ذكر بعضهم أن المراد بالموصول هو الله عز وجل فكأنه قيل: كفى بالله الذي عنده علم الكتاب شهيدا.
يقال: هذا من عطف الذات وهو الموصول مع صفته (علم الكتاب) إلى نفس الذات وهو الله تعالى، وهذا قبيح غير جائز، ومضافا إلى ذلك أن هذا القول مناف لأخبار كثيرة تقول: إن المراد من الموصول في (ومن عنده علم الكتاب) هو أمير المؤمنين عليه السلام.
فقد اتضح مما ذكرناه أن الآية لا ينطبق على أحد من علماء اليهود كعبد الله بن سلام ونظرائه وإخوانه، لأن هؤلاء أسلموا بعد الهجرة والحال أن السورة مكية باتفاق الجمهور، فإذا لم يصدق الموصول على عبد الله بن سلام وأمثاله ثبت صدقه على أمير المؤمنين عليه السلام لأن الأقوال لا يزيد عن أربعة، فإذا بطل ثلاثة ثبت الرابع بلا ريب.
وأما المراد من الصلة (علم الكتاب)، فقال بعضهم: هو التوراة والإنجيل، و هذا قول من قال: إن المراد من (من) الموصول علماء أهل الكتاب، وقد علمت أن السورة مكية وأن علماء اليهود والنصارى أسلموا في المدينة. وقال بعضهم: هي التوراة بالخصوص وهو كما ترى كسابقه. وقال بعضهم: هو اللوح المحفوظ. و هذا قول من اعتقد أن المراد من الموصول هو الله تعالى، وقد علمت أنه من قبيل عطف الذات مع صفته إلى الذات وهو غير جائز. وقال بعضهم: إن المراد بها هي القرآن يعني من تحمل هذا الكتاب وتحقق بعلمه واختص به ويعلم تأويله و تنزيله، وظهره وبطنه، وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابه، ومطلقه ومقيده،