عدي بعد صفين ذليلا، فبكى عدي -، وأنشأ يقول:
يجادلني معاوية بن حرب * وليس إلى الذي يبغي سبيل يذكرني أبا الحسن عليا * وخطبي في أبي حسن جليل فكان جوابه مني شديدا * ويكفي مثله مني القليل وقد قال الوليد وقال عمرو: * عدي بعد صفين ذليل فقلت: قد صدقتم هدركني * وفارقني الذين بهم أصول سيخسر من يوادده ابن هند * ويربح من يوادده الرسول فقال معاوية لصاحب إذنه: أخرجه وأدخل علي عامر بن واثلة - وكان يكنى أبا الطفيل -، فلما دخل عليه رحب معاوية، فقال أصحابه: من هذا الذي رحبت به يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا خليل أبي تراب، وفارس أهل العراق، وشاعرهم يوم صفين، فقالوا: الام فارس، وأفحش شاعر، ونالوا منه، فغضب أبو الطفيل وقال:
أما والله يا معاوية ما هؤلاء سبوني، ولا أدري من هم، وإنما أنت شتمتني، فأخبرني من هم؟ وإلا - وحق علي - شتمتك فقال معاوية: هذا عمرو بن العاص، وهذا مروان بن الحكم، وهذا سعيد بن العاص، وهذا ابن أختي.
فقال أبو الطفيل: أما عمرو فأنطقته جباية مصر، وأما مروان وسعيد فأنطقتهما جباية الحجاز، وأما ابن أختك فقد وهبته لك، فقال معاوية: يا أبا الطفيل ما أبقى الدهر لك من حب علي؟ قال: والله حب أم موسى لموسى، وأشكو إلى الله التقصير. قال: فما أبقى لك الدهر من وجدك عليه؟ قال: وجد العجوز المقلاة و الشيخ الرؤوف. قال: فما أبقي من بغضك لنا؟ قال: بغض آدم لإبليس لعنه الله.
فقال معاوية لصاحب إذنه: أخرجه عني وأدخل علي هانئ بن عروة المرادي، فلما دخل قال له معاوية: يا هانئ أنت المائل مع علي بن أبي طالب، والمحارب للمسلمين مع علي يوم صفين؟ فقال له هانئ: أني لك يا معاوية بالشرف الشامخ،