سنة 600): (فأما ما يدل على أن ولايته عليه السلام أعظم من سائر الفروض وآكد من جميع الواجبات فهو قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس (1)، فولايته قامت مقام النبوة لأن بصحة تبليغها عن الله ينفع شهادة أن لا إله إلا الله، وعدم تبليغها يبطل تبليغ الرسالة، فإذا حصلت صح تبليغ الرسالة، ومتى عدم التبليغ بهذا الأمر لا يجدي تبليغ الرسالة، وما كان شرطا في صحة وجود أمر من الأمور ما صح وجوده إلا بوجوده ووجب كوجوبه...
وأما القسم الثاني: وهو أنه عليه السلام أفضل رتبة من المتقدمين والمتأخرين من الأنبياء والصديقين هو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الأنبياء، ورسالته أفضل الرسالات، و قد أمر القديم سبحانه وتعالى سيد رسله صلى الله عليه وآله وسلم بإبلاغ فرض ولاية أمير المؤمنين - صلى الله عليه - وجعل في نفس وجوب أداء تبليغ ولايته سبب صحة تبليغ رسالته و أنه لم يصح تبليغ هذه الرسالة التي هي أفضل الرسالات إلا بتبليغ ولايته - صلى الله عليه. وعلى هذا حيث ثبت الولاية كثبوت هذه الرسالة صارت شيئا واحدا، وإذا كانت إمامته كرسالته صار نفس هذه كنفس هذه وفضلها كفضلها، إذ ليس يوجد من خلق الله تعالى من نفسه كنفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواه بدليل قوله تعالى في آية المباهلة: (وأنفسنا وأنفسكم)، فجعله تعالى نفس رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كان نفس الرسول وولايته نفس ولايته كما قدمناه بطلت مماثلته من كافة خلق الله تعالى (2).
8 - قال الفخر الرازي، ذيل الآية الكريمة: تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض (3): (أجمعت الأمة على أن بعض الأنبياء: أفضل من بعض، وعلى أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من الكل، ويدل عليه من وجوه، أحدها قوله تعالى: وما