رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين رجال النصارى لكن عمت الدعوة للأبناء والنساء ليكون أدل على اطمينان الداعي بصدق دعواه وكونه على الحق لما أودعه الله سبحانه في قلب الإنسان من محبتهم والشفقة عليهم فتراه يقيهم بنفسه ويركب الأهوال و المخاطرات دونهم وفي سبيل حمايتهم والغيرة عليهم والذب عنهم، ولذلك بعينه قدم الأبناء على النساء لأن محبة الإنسان بالنسبة إليهم أشد وأدوم).
وقال أيضا: (وقوله عز وجل: فنجعل لعنة الله كالبيان للابتهال، وقد قيل:
فنجعل، ولم يقل: فنسأل، إشارة إلى كونها دعوة غير مردودة حيث يمتاز بها الحق من الباطل).
وقال أيضا: (قوله عز وجل: الكاذبين مسوق سوق العهد، دون الاستغراق أو الجنس، إذ ليس المراد جعل اللعنة علي كل كاذب أو على جنس الكاذب، بل على الكاذبين الواقعين في أحد طرفي المحاجة الواقعة بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبين النصارى، حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لا إله غيره وإن عيسى عبده ورسوله، وقالوا: إن عيسى هو الله، أو إنه ابن الله، أو إن الله ثالث ثلاثة. وعلى هذا، فمن الواضح أن لو كانت الدعوى والمباهلة عليها بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين النصارى، أعني كون أحد الطرفين مفردا والطرف الآخر جمعا كان من الواجب التعبير عنه بلفظ يقبل الانطباق على المفرد والجمع معا كقولنا: فنجعل لعنة الله على من كان كاذبا. فالكلام يدل على تحقق كاذبين بوصف الجمع في أحد طرفي المحاجة والمباهلة على أي حال إما في جانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإما في جانب النصارى، وهذا يعطى أن يكون الحاضرون للمباهلة شركاء في الدعوى فإن الكذب لا يكون إلا في الدعوى، فلمن حضر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم على وفاطمة والحسنان عليهما السلام شركة في الدعوى والدعوة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا من أفضل المناقب التي خص الله به أهل بيت نبيه:
كما خصهم باسم الأنفس والنساء والأبناء لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم من بين رجال الأمة و