أم على قلوب أقفالها (1).
فقام طارق فقال: يا معاوية! إني متكلم فلا يسخطك، ثم قال: وهو متكئ على سيفه: إن المحمود على كل حال رب علا فوق عباده، فهم منه بمنظر ومسمع، بعث فيهم رسولا منهم لم يكن من قبله يتلو كتابا، ولا يخطه بيمينه إذا لارتاب المبطلون، فعليه السلام من رسول كان بالمؤمنين برا رحيما.
أما بعد، فإن ما كنا نوضع فيما أوضعنا فيه بين يدي إمام تقي عامل مع رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتقياء مرشدين، ما زالوا منارا للهدى، ومعالم للدين، خلفا عن سلف مهتدين، أهل دين لا دنيا، كل الخير فيهم، واتبعهم من الناس ملوك وأقيال أهل بيوتات وشرف ليسوا بناكثين ولا قاسطين، فلم يكن رغبة من رغب عنهم وعن صحبتهم إلا لمرارة الحق حيث جرعوها، ولو عورته حيث سلكوها وغلبت عليهم دنيا مؤثرة، وهوى متبع، وكان أمر الله قدرا مقدورا...
فبلغ عليا عليه السلام قوله، فقال: لو قتل النهدي يومئذ لقتل شهيدا (2).
وقال - أيضا: وأكثر مبغضيه عليه السلام أهل البصرة كانوا عثمانية، وكانت في أنفسهم أحقاد يوم الجمل، وكان هو عليه السلام قليل التألف للناس شديدا في دين الله، لا يبالي مع علمه بالدين واتباعه الحق من سخط ومن رضي (3).
8 - قال جورج جرداق: (وكثر عدد المنحرفين اللاحقين معاوية بكثرة الذين يريدون الدنيا لأنفسهم وحدهم، وما كان من طبائع الناس كلهم أن يتحملوا الحق وأن يقولوه ويفعلوه، ولا كان من طبائعهم كلهم أن يوالوا عليا الذي يشتد بالحق على نفسه وذويه والخلق جمعيا... فكيف لا يلحق معاوية ويترك عليا ذلك الوالي الذي يبعث إليه علي: (وإني أقسم بالله، لئن بلغني أنك خنت من فئ