من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (1).
قال صاحب المنار: (قال ابن القيم: هذه الآية كانت مقدمة وإرهاصا بين يدي موت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر أن توبيخ الذين ارتدوا على أعقابهم بهذه الآية قد ظهر أثره يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ارتد من ارتد على عقبيه، وثبت الصادقون على دينه حتى كان العاقبة لهم، أقول: ولا ينافي هذه الحكمة كون الوقعة كانت قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ببضع سنين، لأن غزوة أحد كان في السنة الثالثة من الهجرة... (2).
وقال العلامة المظفر رحمه الله: (أما الكتاب قوله تعالى: أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، فإن الاستفهام فيه ليس على حقيقته لاستلزامه الجهل، فلا بد أن يراد به الإنكار أو التوبيخ، وكل منهما لا يكون إلا على أمر محقق بالضرورة فيكون انقلابهم بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم محققا، ولذا قال: انقلبتم) بصيغة الماضي تنبيها على تحققه (3).
أما الارتداد في نهج البلاغة فهو قوله عليه السلام: (حتى إذا قبض الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم رجع قوم على الأعقاب، غالتهم السبل، واتكلوا على الولائج، ووصلوا غير الرحم، و هجروا السبب الذي أمروا بمودته، ونقلوا البناء على رص أساسه، فبنوه في غير موضعه، معادن كل خطيئة، وأبواب كل ضارب في غمرة، قد ماروا في الحيرة، و ذهلوا في السكرة، على سنة من آل فرعون (4).
قال ابن أبي الحديد: (رجعوا على الأعقاب) تركوا ما كانوا عليه. (وغالتهم السبل) أهلكهم اختلاف الآراء والأهواء. (غاله كذا) أي أهلكه. والسبل: الطرق. و