نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس أحد أقرب منه إلى النبي درجة ومنزلة، توضيح ذلك: أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم في جواب السائل: (إن داري ودار علي واحدة غدا في مكان واحد) يدل على أن منزلته عليه السلام منه صلى الله عليه وآله وسلم منزلة نفسه الشريفة، وهما في درجة واحدة عند الله تعالى شأنه).
18 - عن العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء رحمه الله: (وقد ذكروا أن مريم عليها السلام لما جاءها المخاض بعيسى عليه السلام أوت إلى بيت المقدس لتضعه فيه، فنوديت: أخرجي يا مريم، فهذا بيت العبادة لا بيت الولادة، وفاطمة بنت أسد لما أحست بالطلق - وهي بالكعبة - انسدت أبوابها ولم تقدر على الخروج حتى وضعت عليا - سلام الله عليه -، لعل في هذه الحادثة الغريبة أسرارا ورموزا أجلها و أجلاها أن الله سبحانه كأنه يقول: أيها الكعبة، إني سأطهرك من رجس الأوثان، و الأنصاب، والأزلام بهذا المولود فيك، وهكذا كان، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخلها عام الفتح، والأصنام معلقة على جدرانها، ولكل قبيلة من قبائل العرب صنم، فأصعد عليا عليه السلام على منكبه وصار حطمها ويرمي بها إلى الأرض والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا (1).
وقد نظم الشافعي هذه الفضيلة بأبيات تنسب إليه، يقول في آخرها:
وعلي واضع أقدامه * في محل وضع الله يده فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحدث عن المعراج قائلا: (أن الله عز شأنه وضع يده على كتفي حتى أحسست بردها على كبدي). وفي ولادته رمز آخر لعله أدق وأعمق، وهو أن حقيقة التوجه إلى الكعبة هو التوجه إلى ذلك النور المتولد فيها، ولو أن القصد مقصور على محض التوجه إلى تلك البنية والأحجار لكان - أيضا - نوعا من عبادة الأصنام (معاذ الله) ولكن التناسب يقتضي أن البدن وهو تراب يتوجه