ابن فدكي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين: يا علي! أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه وإلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان، فوالله لنفعلنها إن لم تجبهم. فقال لهم: ويحكم أنا أول من دعا إلى كتاب الله، وأول من أجاب إليه، وليس يحل لي ولا يسعني في ديني أن ادعى إلى كتاب الله فلا أقبله، إني إنما قاتلتهم ليدينوا بحكم القرآن، فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم ونقضوا عهده، ونبذوا كتابه، ولكني قد أعلمتكم أنهم قد كادوكم وأنهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون. قالوا: فابعث إلى الأشتر ليأتينك، وقد كان الأشتر صبيحة ليلة الهرير قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله.
قال نصر: فحدثني فضيل بن خديج، عن رجل من النخع قال: سأل مصعب إبراهيم بن الأشتر عن الحال كيف كانت؟ فقال: كنت عند علي عليه السلام حين بعث إلى الأشتر ليأتيه وقد كان الأشتر أشرف على معسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه علي عليه السلام يزيد بن هاني أن ائتني، فأتاه فأبلغه، فقال الأشتر: إئته فقل له: ليس هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي، إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني، فرجع يزيد بن هاني إلى علي عليه السلام فأخبره، فما هو إلا أن انتهى إلينا حتى ارتفع الرهج (1) وعلت الأصوات من قبل الأشتر وظهرت دلايل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلايل الخذلان والادبار على أهل الشام.
فقال القوم لعلى: والله، ما نراك إلا أمرته بالقتال. قال: أرأيتموني ساررت رسولي إليه؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟ قالوا: فابعث إليه فليأتك وإلا فوالله، اعتزلناك. فقال: ويحك يا يزيد قل له: أقبل إلي فإن الفتنة قد وقعت فأتاه فأخبره، فقال الأشتر: أبرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم، قال: أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع خلاقا وفرقة، إنها مشورة ابن النابغة. ثم قال