والمجد الباذخ؟ وما كنتم إلا شظية كذا يخطفها العرب حتى بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلان له العباد في جميع البلاد، وأما خروجي عليك يا ابن هند فغير متعذر إليك منه، ولو كنت رأيتك ذلك اليوم لنفذت رمحي بين حضنيك، والله ما أحببناك مذ أبغضناك، ولا بعنا السيوف التي بها ضربناك.
فقال معاوية لصاحب إذنه: أخرجه عني وأدخل علي صعصعة بن صوحان، فلما دخل عليه نظر فإذا الرجال عليهم السلاح وقوف، ومعاوية جالس على سريره، فقال صعصعة: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر يرفع بها صوته -، فالتفت معاوية يمنة ويسرة فلم ير شيئا يفزعه، فقال: يا صعصعة أظنك تدري ما الله؟ فقال:
بلى والله يا معاوية ربنا ورب آبائنا الأولين، وإنه لبالمرصاد من وراء العباد، فقال معاوية: يا صعصعة! ما كنت أحب أن تقوم هذا المقام حتى يصيبك ظفر من أظفاري، قال: وأنا يا معاوية لقد أحببت أن لا أحييك بتحية الخلافة حتى تجري مقادير الله فيك.
فالتفت معاوية إلى عمرو بن العاص وقال: أوسع لصعصعة ليجلس إلى جانبك، فقال عمرو: لا، والله، لا أوسعت له على ترابيته، فقال صعصعة: نعم، والله، يا عمرو!
إني لترابي ومن عبيد أبي تراب، ولكنك مارج من نار، منها خلقت، وإليها تعود، و منها تبعث إن شاء الله، فقال معاوية: يا صعصعة والله إني هممت أن أحبس عطايا أهل العراق في هذه السنة، فقال صعصعة: والله، يا معاوية! لو رمت ذلك منهم لدهمك مائة ألف أمرد على مائة ألف أجرد، وصيروا بطنك ميادين لخيولهم، و قطعوك بسيوفهم ورماحهم، قال: فامتلأ معاوية غيظا، وأطرق طويلا ثم رفع رأسه وقال: لقد أكرمنا الله حيث يقول لنبيه (وإنه لذكرى لك ولقومك (1) ونحن قومه، و