نعم، اختلف أصحابنا في ثلاث مسائل، قد يتوهم منها القاصر عن درجة الاستنباط أن يكون دليلا لشئ من هذه المسائل، أو شاهدا عليها.
وسنبين المسائل التي نحن بصددها مما لم يتعرض له الأصحاب، والثلاث التي ذكرنا أن للأصحاب فيها اختلافا، ومعطين البحث حقه في المقامين، سالكين محجة الانصاف في المقصدين، غير تاركين لأحد في ذلك تعللا ما دام على جادة العدل متحليا بحلية التحقيق.
وقال الشيخ إبراهيم القطيفي في أول رسالته: أني وقفت في تاريخ شهر ذي الحجة الحرام آخر شهور سنة 926 ه على رسالة لبعض المعاصرين ألفها في الرضاع وأورد فيها مسائل زعم أن عليها الاجماع، وزعم أنها ظاهرة لا تشتبه إلا على من يقصر عن الاستنباط.
وهو كما رأيته وترى لا ينفك عن المبالغة والانفراط، والمتأمل المخلص عسى أن يهتدي إلى سواء السبيل، فيفهم أن المبالغة بتحسين اللفظ خاصة من غير رباط.
كان بسبب وقوفي عليها أن بعض الطلبة التمس مني قراءتها ليحصل منها فائدتها فلما ابتدأ بها رأيت مبدأها عثارا، فتأملتها فإذا هي مما لا ينبغي سطره ولا يحسن بين الطلبة ذكره، فأعرضت عنها إعراض من لا يؤوي منهزمها، ولا يلتفت إلى نقض مبرمها.
ثم رأيت أن ذلك يدخل في كتمان العلم فإن الشخص المنسوبة إليه قد ينسب إليه كمال الفضل من لا يظهر عليه، خصوصا أنه في الحل والحرمة المتعلقة بالنكاح وقد أفتى بالحل لا مقتصرا على الفتوى، بل ناقلا للاجماع وهو الداهية الدهماء، ولا عجب كيف لم يعرف مواقع الخلاف لأنه بمعزل عن إمعان النظر وأعمال الفكر وحفظ الآثار.