فأما إذا حصل القلع من المشتري بغير إذن البائع، لم يكن له أن يرد سواء رضي بالمقلوع أو لم يرض، إذا كان المقلوع شيئا له قيمة عند الناس، لأنه بالقلع صار معيبا، لأنه كان ينمو ويزيد وبعد القلع لا ينمو ولا يزيد ويتسارع إليه الفساد، وحدوث العيب في المبيع في يد المشتري بغير صنعه يمنع الرد، فمع صنعه أولى.
وإن كان المغيب في الأرض مما يباع عددا كالفجل، والسلق، ونحوهما فرؤية البعض لا تكون كرؤية الكل، لان هذا من باب العدديات المتفاوتة، فرؤية البعض لا تكفي كما في الثياب.
وإن قلع المشتري بغير إذنه سقط خياره، لأجل العيب، إذا كان المقلوع شيئا له قيمة، فأما إذا لم يكن له قيمة فلا يسقط خياره، لأنه لا يحصل به العيب.
وذكر الكرخي ههنا مطلقا، من غير هذا التفصيل، وقال: إذا اشترى شيئا مغيبا في الأرض مثل الجزر، والبصل، والثوم، وبصل الزعفران وما أشبه ذلك، فله الخيار إذا رأى جميعه، فلا يكون رؤية بعضه مبطلا خياره، وإن رضي بذلك البعض فخياره باق إلى أن يرى جميعه.
وروى عمرو (1) عن محمد أنه قال: قال أبو حنيفة: المشتري بالخيار إذا قلع. قلت: فإن قلع البعض؟ قال: لم يزيد أبو حنيفة على ما قلت لك، فأما في قول أبي يوسف وقولي إذا قلع شيئا يستدل به على ما بقي، في سمنه وعظمه فرضي المشتري، فهو لازم له، فهما يقولان إن التفاوت في هذه الأشياء ليس بغالب، فصار كالصبرة (2)، وأبو حنيفة يقول:
إنها تختلف من حيث الصغر والكبر، والجودة والرداءة، فلم يسقط الخيار