وفي المبسوط: إن التصرف قبل العلم لا يسقط به الخيار (1) وفي المقنعة والنهاية: إن الهبة والتدبير لا يمنعان من الرد، لأن له الرجوع فيهما بخلاف العتق (2) والمراد بذلك على الظاهر صورة عدم العلم.
ولعل مستند الشيخين أن السقوط بالتصرف إنما هو لكونه أمارة الرضا، ولا دلالة فيه مع الجهل، مضافا إلى الأصل، وخبر زرارة في الباب حيث جعل فيه العلم قبل الحدث شرطا لمضي البيع عليه.
وترده الإجماعات المنقولة، وإطلاق الروايات، والظاهر من خبر زرارة أن المراد: أنه لو أحدث فيه شيئا ثم علم به لم يكن له الخيار، لا أن الحدث إذا كان بعد العلم ينفي الخيار، فيستدل بمفهومه على أن الحدث قبله لا ينفيه.
وعن ابن حمزة في الوسيلة: إن التصرف مانع من الأرش أيضا إذا كان بعد العلم بالعيب (3) تمسكا بدلالته على الرضا بالعيب. والأصل وإطلاق الإجماعات والروايات (4) حجة عليه.
ثم إن إطلاق النصوص والفتاوى ومعقد الإجماعات يشمل سائر التصرفات من ناقل وغيره، مغير للعين أو غير مغير، عاد إليه بعد خروجه عن ملكه أو لا، مع العمد وعدمه، مع الجهل بالحكم وعدمه، مع الاختيار أو الإجبار، إلى غير ذلك من الصور التي مر ذكرها في باب التصرف من خيار الحيوان، ولا يتمشى هذا الحكم إلى الانتفاع إذا لم يصدق عليه اسم التصرف على إشكال.
ولا يستثنى من سقوط الرد بالتصرف في المقام إلا أمران:
أحدهما: المصراة حيث تكون التصرية عيبا كما إذا كان نقص اللبن متجاوز الحد بحيث يكون مخالفا للعادة العامة، وإلا فهو مستثنى من سقوط خيار الوصف بالتصرف في بعض الصور، وسيجئ البحث فيها.