من اجتمع له الحاستان، أما الأعمى فتقبل شهادته في العقد قطعا لتحقق الآلة الكافية في فهمه فإن انضم إلى شهادته معرفان جاز له الشهادة على العاقد مستندا إلى تعريفهما كما يشهد المبصر على تعريف غيره، ولو لم يحصل ذلك وعرف هو صوت العاقد معرفة يزول معها الاشتباه قيل: لا يقبل لأن الأصوات تتماثل، والوجه أنها تقبل فإن الاحتمال يندفع باليقين لأنا نتكلم على تقديره. وبالجملة فإن الأعمى تصح شهادته متحملا ومؤديا عن علمه وعن الاستفاضة فيما يشهد به بالاستفاضة، ولو تحمل شهادة وهو مبصر ثم عمي فإن عرف نسب المشهود أقام الشهادة، وإن شهد على العين وعرف الصوت يقينا جاز أيضا، أما شهادته على المقبوض فماضية قطعا، وتقبل شهادته إذا ترجم للحاكم عبارة حاضر عنده.
الطرف الثالث: في أقسام الحقوق:
وهي قسمان: حق الله سبحانه وحق الآدمي.
والأول منه: ما لا يثبت إلا بأربعة رجال كالزنى واللواط والسحق، وفي إتيان البهائم قولان أصحهما ثبوته بشاهدين، ويثبت الزنى خاصة بثلاثة رجال وامرأتين وبرجلين وأربع نساء غير أن الأخير لا يثبت به الرجم ويثبت به الجلد ولا يثبت بغير ذلك، ومنه ما يثبت بشاهدين وهو ما عدا ذلك من الجنايات الموجبة للحدود كالسرقة وشرب الخمر والردة، ولا يثبت شئ من حقوق الله تعالى بشاهد وامرأتين ولا بشاهد ويمين ولا بشهادة النساء منفردات ولو كثرن.
وأما حقوق الآدمي فثلاثة:
منها ما لا يثبت إلا بشاهدين، وهو الطلاق والخلع والوكالة والوصية إليه والنسب ورؤية الأهلة، وفي العتق والنكاح والقصاص تردد أظهره ثبوته بالشاهد والمرأتين.
ومنها ما يثبت بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين، وهو الديون والأموال كالقرض والقراض والغصب، وعقود المعاوضات كالبيع والصرف والسلم والصلح والإجارات والمساقاة والرهن والوصية له والجناية التي توجب الدية، وفي الوقف تردد