ولا تقبل في الحدود سواء كانت لله محضا كحد الزنى واللواط والسحق، أو مشتركة كحد السرقة والقذف على خلاف فيهما.
ولا بد أن يشهد اثنان على الواحد لأن المراد إثبات شهادة الأصل وهو لا يتحقق بشهادة الواحد، فلو شهد على كل واحد اثنان صح، وكذا لو شهد اثنان على شهادة كل واحد من شاهدي الأصل، وكذا لو شهد شاهد أصل وهو مع آخر على شهادة أصل آخر، وكذا لو شهد اثنان على جماعة كفى شهادة الاثنين على كل واحد منهم، وكذا لو كان شهود الأصل شاهدا وامرأتين فشهد على شهادتهم اثنان أو كان الأصل فيما يقبل فيه شهادتهن منفردات كفى شهادة اثنين عليهن.
وللتحمل مراتب أتمها أن يقول شاهد الأصل: أشهد على شهادتي أنني أشهد على فلان بن فلان لفلان بن فلان بكذا، وهو الاسترعاء. وأخفض منه أن يسمعه يشهد عند الحاكم إذ لا ريب في تصريحه هناك بالشهادة، ويليه أن يسمعه يقول: أنا أشهد لفلان بن فلان على فلان بن فلان بكذا، ويذكر السبب مثل أن يقول: من ثمن ثوب أو عقار، إذ هي صورة جزم وفيه تردد. أما لو لم يذكر سبب الحق بل اقتصر على قوله: أنا أشهد لفلان على فلان بكذا، لم يصر متحملا لاعتياد التسامح بمثله وفي الفرق بين هذه وبين ذكر السبب إشكال.
ففي صورة الاسترعاء يقول: أشهدني فلان على شهادته. وفي صورة سماعه عند الحاكم يقول: أشهد أن فلانا شهد عند الحاكم بكذا. وفي صورة السماع لا عنده يقول:
أشهد أن فلانا شهد على فلان لفلان بكذا بسبب كذا.
ولا تقبل شهادة الفرع إلا عند تعذر حضور شاهد الأصل، ويتحقق العذر بالمرض وما ماثله وبالغيبة ولا تقدير لها، وضابطه مراعاة المشقة على شاهد الأصل في حضوره.
ولو شهد شاهد الفرع، فأنكر شاهد الأصل فالمروي العمل بشهادة أعدلهما، فإن تساويا أطرح الفرع، وهو يشكل بما أن الشرط في قبول الفرع عدم الأصل وربما أمكن لو قال الأصل: لا أعلم. ولو شهد الفرعان ثم حضر شاهد الأصل فإن كان بعد الحكم لم يقدح في الحكم وافقا أو خالفا، وإن كان قبله سقط اعتبار الفرع وبقي الحكم لشاهد