به وكان ممن يقبل إقراره للحرية والبلوع وكمال العقل والإيثار للإقرار لزمه الخروج إلى خصمه منه، فإن أبي أمر بملازمته، فإن آثر صاحب الحق حبسه، وإن آثر إثبات اسمه في ديوان الحكم أثبته، إذا كان عارفا بعين المقر واسمه ونسبه أقام البينة العادلة عنده بذلك.
وإن نكر ما ادعى عليه قال للمدعي: قد أنكر دعواك، فإن قال: لي بينة، أمره بإحضارها وفرق بينه وبين خصمه. وله أن يأخذ كفيلا بإحضاره إذا أحضر بينه وبين الكفيل من الضمان إذا انقضت المدة ولم يحضرها، فإن أحضرها وكانت مرضية حكم بها وإلا ردها، وإن أحضر شاهدا واحدا أو امرأتين قال له الحاكم: وتحلف مع ذلك على دعواك، فإن حلف ألزم خصمه ما ادعاه وإن أبي أقامهما، وإن لم يكن له بينة قال له:
ما تريد؟ فإن أمسك أقامهما، وإذا قال: أريد يمينه، قال: أ تحلف؟ فإن قال: نعم، خوفه الله تعالى من عاقبة اليمين الفاجرة في الدنيا والآخرة.
فإن أقر بما داعاه عليه ألزمه، وإن أصر على اليمين عرض عليهما الصلح، فإن أجابا أمر بعض أمنائه أن يتوسطه ذلك بينهما، ولم يجب أن يلي هو ذلك بنفسه لأنه منصوب لبت الحكم وإلزام الحق - ويستعمل الوسيط في الاصطلاح ما يحرم على الحاكم فعله - فإن لم يجب إليه أعلم المدعي أن استحلاف خصمه يسقط دعواه ويمنع من سماع بينة بها عليه وإن نزل على استحلاف خصمه أقامهما، وإن لم ينزل واستحلفه سقط حق دعواه، وإن نكل المدعي عن اليمين ألزم الخروج إلى خصمه مما ادعاه، وإن قال: لا، أقامهما، وإن قال: نعم، خوفه الله، فإن رجع عن اليمين أقامهما.
وإن استحق ما ادعاه من ادعى عند الحاكم حقا على غائب وأقام البينة بحث الحاكم عن العدالة، وإذا سأله المدعي أن يقضى له على الغائب أجابه إلى ذلك واستحلفه أن حقه الذي شهد أنه ثابت إلى وقتنا هذا أو كتب به كتاب، هذا إذا كان الخصم ممتنعا عن الحضور أو غير مقدور على إحضاره أو هرب عن مجلس الحكم.
واعلم أن الحقوق ثلاثة أضرب: حق الله وحق الآدمي وحق الله تعالى يتعلق به حق الآدمي.