الأصل بشهادة عدلين ويقوم مقامها إذا تعذر حصول الأصل لموت أو مرض أو سفر، ولا يجوز ذلك إلا في الديون والأملاك والعقود، ولا يجوز في حقوق الله تعالى كالحدود.
ولا يجوز الشهادة على الشهادة في شئ ما، وإذا شهد اثنان على شهادة واحد ثم شهدا على الشهادة في شئ آخر ثبت شهادتهما، ولا يحكم ببينة المدعي بعد استحلاف المدعى عليه وللمدعى عليه رد اليمين على المدعي، ولا يجوز الحكم إلا بما قدمناه من علم الحاكم أو ثبوت البينة على الوجه الذي قرره الشرع أو إقرار المدعى عليه أو يمينه أو يمين المدعي، ويسمع بينة الخارج وهو المدعي دون بينة الداخل وهو صاحب اليد وإن كان مع كل واحد منهما ولا يد لأحدهما حكم لأعدلهما شهودا، فإن استويا في ذلك حكم لأكثرهما شهودا مع يمينه، فإن استويا أقرع بينهما فمن خرج اسمه حلف وحكم له، وإن كان لكل منهما يد ولا بينة لأحدهما كان الشئ بينهما نصفين.
وإذا ثبت أن الشاهد شهد بالزور عزر وشهر وبطل الحاكم حكمه بها، إن كان ما شهد به قتلا أو جرحا أو حدا اقتص منه، وإذا رجع عن الشهادة بشبهة دخلت عليه لزم القتل أو الجرح وضمن مثل العين المستهلكة بشهادته أو قيمتها وأن يرضى المحدود بما يتفقان عليه.
وينبغي للحاكم أن يقرر الوقت الذي يجلس فيه للحكم خاصة ولا يشوبه بأمر آخر سواه، وألا يجلس وهو غضبان ولا جائع ولا عطشان ولا مشغول القلب بشئ، ويجلس مستدبر القبلة بسكينة ووقار، وينزه مجلسه عن الدعابة والمجون، ويوصي نفسه على إقامة الجلد والقوة في طاعة الله، ويستوي بين الخصمين في اللحظ والإشارة، ولا يبدأهما بخطاب إلا أن يطيلا الصمت فحينئذ يقول لهما: إن كنتما حضرتما لأمر فاذكراه، فإن سكتا وإلا أقامهما. وإن ادعى أحدهما على الآخر لم يسمع دعواه إلا أن تكون مستندة إلى علم كأن يقول: أستحق عليه، أو ما أفاد هذا المعنى، ولو قال: أدعي عليه كذا أو أتهمه بكذا، لم يصح وأن يكون ما ادعاه معلوما متميزا بنفسه أو بقيمته، فلو قال:
أستحق عليه دارا أو ثوبا، لم يصح للجهالة.
وإذا صحت الدعوى أقبل الحاكم على الخصم فقال: ما تقول فيما ادعى، فإن أقر