المتولي من قبل الظالمين كان في ذلك متعديا للحق مرتكبا للآثام.
ولا يجوز لمن يتولى الفصل بين المختلفين والقضاء بينهم أن يحكم إلا بموجب الحق ولا يجوز له أن يحكم بمذاهب أهل الخلاف، فإن كان قد تولى الحكم من قبل الظالمين فليجتهد أيضا في تنفيذ الأحكام على ما تقتضيه شريعة الإيمان، فإن اضطر إلى تنفيذ حكم على مذاهب أهل الخلاف بالخوف على النفس أو الأهل أو المؤمنين أو على أموالهم جاز له أن ينفذ الحكم ما لم يبلغ ذلك قتل النفوس فإنه لا تقية له في قتل النفوس حسب ما بيناه.
ويجوز لفقهاء أهل الحق أن يجمعوا بالناس الصلوات كلها وصلاة الجمعة والعيدين ويخطبون الخطبتين ويصلون بهم صلاة الكسوف ما لم يخافوا في ذلك ضررا، فإن خافوا في ذلك الضرر لم يجز لهم التعرض لذلك على حال.
ومن تولى ولاية من قبل ظالم في إقامة حد أو تنفيذ حكم فليعتقد أنه متول لذلك من جهة سلطان الحق وليقم به على ما تقتضيه شريعة الإيمان، ومهما تمكن من إقامة حد على مخالف له فليقمه فإنه من أعظم الجهاد.
ومن لا يحسن القضايا والأحكام في إقامة الحدود وغيرها لا يجوز له التعرض لتولي ذلك على حال، فإن تعرض لذلك كان مأثوما، فإن أكره على ذلك لم يكن عليه في ذلك شئ ويجتهد لنفسه التنزه من الأباطيل.