وعليه فهما تدلان على أن وجوب الوضوء مستند إلى رؤية دم الاستحاضة لا إلى سبب آخر من أسباب الوضوء.
(الثالث):
أنهما دلتا على وجوب الوضوء عند كل صلاة، ومن الواضح أن الوضوء لو كان مستندا إلى سائر أسبابه لم يجب عند كل صلاة بل يكفيها الوضوء مرة واحدة في جميع صلواتها ما دامت لم تنقضه، فمن ذلك يظهر أن موجب الوضوء في حقها ليس هو سائر الأسباب وإنما الموجب هو الاستحاضة وأنها حدث موجب للوضوء عند كل صلاة.
ومن جملة الأخبار الدالة على ما ذكرناه صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة (إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فإن خرج فيها شئ من الدم فلا تغتسل وإن لم تر شيئا فلتغتسل وإن رأت بعد ذلك فلتتوضأ ولتصل) (1).
وقد قدمنا اختلاف النسخ فيها وبعضها مشتمل على كلمة (الصفرة، بعد قوله (بعد ذلك) وعلى كل حال تدل على أن وجوب الوضوء متفرع على رؤية الدم أو الصفرة لا أنه مستند إلى أسباب الوضوء.
ومنها غير ذلك من الروايات. هذا وقد يستدل في المقام بما عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال:
سألته عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال: (تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلي كل